الجمهورية
فهمى عنبة
سوريا.. من الوحدة إلي التقسيم!!
* في مثل هذا اليوم منذ 60 عاماً تم إعلان الوحدة بين مصر وسوريا كأول وحدة عربية في العصر الحديث.
سميت الدولة الوليدة الجمهورية العربية المتحدة شطرها الشمالي دمشق والجنوبي في القاهرة وهي العاصمة وظلت الوحدة قائمة من 22 فبراير 1958 وحتي 28 سبتمبر 1961.. وهو بالمناسبة نفس اليوم الذي توفي فيه جمال عبدالناصر بعد 9 سنوات عندما استطاع توقيع الصلح بين الاردن والفلسطينيين بعد معارك "أيلول الأسود"!!
استمرت مصر تحتفل بيوم الوحدة وتجعله اجازة رسمية حتي بعد الانفصال.. والغريب انه بينما كانت الشعوب العربية من المحيط إلي الخليج تعيش "الحلم العربي" وتؤمن بامكانية تحقيقه فإن جميع الحكومات والانظمة العربية كانت تتعجل القضاء علي هذه الوحدة باستثناء مصر.. ومنذ حدوث الانفصال لم تدم أي وحدة لا مع السودان ولا العراق ولا ليبيا وحتي الوحدة المغاربية بين الجزائر وتونس والمغرب وليبيا لم تدم طويلاً.. لتظل تجربة الشيخ زايد بن سلطان حاكم أبوظبي والشيخ راشد المكتوم حاكم دبي في اقامة دولة الإمارات العربية مع حكام باقي الإمارات السبع "الشارقة وأم القوين وعجمان ورأس الخيمة والفجيرة" هي التجربة الوحيدة التي استطاعت الصمود منذ عام 1971 إلي الآن ويارب تظل للأبد لتكون دليلاً علي امكانية تحقيق الحلم الذي عاشت عليه الأجيال المتعاقبة طوال الستين عاما الماضية.
نعود إلي سوريا التي يعاني شعبها الشقيق منذ 7 سنوات.. وانقسم ابناؤه ما بين نظام لا يلبي طموحاته.. ومعارضة متفرق إلي فرق وأطياف لا تجتمع علي كلمة واحدة وبدلاً من مراعاة مصلحة الشعب وتوحيد الصف وتقديم كل طرف لتنازلات من اجل بقاء الدولة استقوي كل فريق بمن يسانده من الخارج.. وانتهزت "داعش" واخواتها من التنظيمات الارهابية الفرصة.. وتشجعت اسرائيل.. وتحولت سوريا إلي ساحة لتصفية الحسابات الدولية والاقليمية.. وارضها اصبحت مرتعاً لمعظم جيوش ومخابرات العالم.. واستباحتها المرتزقة من كل فج عميق.. وضاع الشعب الذي يتساقط منه العشرات كل يوم بعد أن جعلته المعارك الدائرة حقل تجارب لكل انواع اسلحة الدمار المشروعة وغير المشروعة!!
تكالبت الدول والتنظيمات الإرهابية علي سوريا وشعبها الذي دمرته الحرب الاهلية بين النظام والمعارضة.. وفشلت وستفشل "30 جنيف" وغيرها من اللقاءات التمثيلية سواء في روسيا أو أمريكا في تقريب وجهات النظر.. فالكل رابح من استمرار المأساة.. فالنظام باق.. والمعارضة تحصل علي "الدعم والبرستيج".. والدول الكبري تستعرض قوتها وتجرب اسلحتها.. وجيران الاقليم يستبيحون الارض والسماء ويفرضون أمراً واقعاً باستقطاع اجزاء يحتلونها.. ومن لا يريد ارضا يبحث له من دور.. والخاسر الوحيد هو الشعب المطحون الذي سقط منه مئات الآلاف من الضحايا الابرياء ما بين قتيل وجريح.. ومن اسعده الحظ اصبح لاجئاً ومشتتاً في كل بقاع الارض.. فمن ينقذهم؟!
لا سيطرة لأحد علي الوضع في سوريا.. ولا يريد احد حل الازمة.. والأمم المتحدة عاجزة حتي عن اغاثة المشردين.. ولننظر "عفرين" وهي قرية سورية.. دخلت إليها قوات تركيا وسيطرت عليها وتدور علي أرضها حربا بين الاتراك وسكانها الاكراد.. إلي هنا والمسألة قد تبدو لبعض القوي الدولية منطقية حيث يقولون إن انقرة تدافع عن مصالحها حتي لو احتلت اراضي الجيران.. ولكن غير الطبيعي والذي لا يتفق مع العقل والمنطق والمواثيق الدولية ان تهدد تركيا النظام السوري بأنه لو أرسل قواتاً إلي "عفرين" بها فإنها ستبيدهم فمن الذي يحكم سوريا ومن يدافع عن شعبها ويحافظ علي وحدة الأراضي السورية.. وهل يتعظ من لا يصدقون بوجود مؤامرة لتقسيم الدول العربية وأن مصر مستهدفة مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن و.....؟!
هل فكر احد لو استمرت الوحدة كيف كان الان حال العرب وسوريا والمنطقة.. وهل مازال هناك امل في انقاذ الشام التي كانت سيفا للعرب.. وشكلت مع مصر منذ 60 عاماً أول وحدة عربية في العصر الحديث.. لك الله يا شعب سوريا.. وسلام عليك.. ربما لا يكون هناك لقاء بعدي حيث ستكون هناك 4 أو 5 دول لا ندري من منها ينتمي للعروبة؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف