المساء
ايمن عبد الجواد
حاربوا الإرهاب .. بالجمال
نحن بحاجة الي الأفكار المبدعة والتفكير خارج الصندوق. فالأزمات المتراكمة علي مدار عقود لاتصلح معها الحلول التقليدية أو أفكار الموظفين. ومن المهم تسليط الضوء علي أي مساحة أو لمسة ابداعية تعطينا الأمل في غد أكثر اشراقاً وجمالاً.
مشهدان جديران بالتأمل حدثا الأسبوع الماضي ويستحقان التوقف أمامهما والإشادة بهما.. الأول في محطة مترو الأوبرا حيث أطلق مجموعة من الشباب المبدعين تحت رعاية وزير النقل هشام عرفات مبادرة بعنوان "تيجي نلونها" وقاموا بتجميل الممرات والجدران.. رسموا عدداً من اللوحات تجسد الفضاء وداخلها صور نجوم الزمن الجميل كوكب الشرق أم كلثوم ونجيب الريحاني وشادية وسيد مكاوي.
الموضوع لقي ترحيباً كبيراً وتفاعلاً ايجابياً من الركاب بل أن المحطة تحولت الي مزار من غير مستخدمي المترو لمشاهدة اللمسات الابداعية والمطالبة بتعميم التجربة في باقي المحطات مع توسيع دائرة الشباب المشاركين في التجربة التي يمكن أن تنتقل من محطات المترو الي السكة الحديد وأيضاً الي المرافق والمنشآت الأخري.
المشروع مع بساطته وتكلفته المحدودة جداً يمكن أن يحقق نتائج كبيرة ويضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.. من بين الفوائد استثمار حماس وطاقة الشباب في شيء مفيد وادماج المزيد منهم في مشروعات الخدمة العامة بدلاً من تركهم فريسة لتيارات لاتريد الخير للبلاد والعباد.
كما أن المشاركين في مثل هذه المشروعات سيشعرون بأنهم ليسوا كماً مهملاً ومن ثم تظهر لديهم الروح الوطنية المطلوبة الآن ونحن في مرحلة اعادة بناء الوطن ونحتاج الي الاصطفاف أكثر من أي وقت مضي. وأيضاً نعيد الصورة الجميلة لبلدنا ولو علي نطاق محدود في المرحلة الأولي علي أن تتبعها مراحل أخري بصورة أشمل وبطموح أكبر.
المشهد الثاني بطلته وزيرة الثقافة د.ايناس عبد الدايم التي أعطت اشارة البدء لاحياء مسرح الجامعات. بما يحمله من طموحات وآمال فلا ننسي أنه "مسرح الجامعة" شهد ذات يوم انطلاق نجوم كبار أمثال عادل امام وسمير غانم وغيرهما مثلما كانت المدارس الثانوية البوابة الأولي نحو الشهرة لنجوم الكرة ومن أبرزهم محمود الخطيب رئيس النادي الأهلي وغيره من أبناء جيله.
قوافل التنوير التي أطلقتها وزارة الثقافة من جامعتي عين شمس والقاهرة وأتاحت الفرصة للطلاب لبطولة العمل المسرحي "قواعد العشق الأربعين" أعادت الجامعات الي عصر التوهج عندما كانت منارة للعلم والثقافة والفنون والابداع بكل أشكاله وألوانه. وأثبتت من جديد أن مصر ولادة وتمتلك الكثير من المواهب التي تحتاج فقط الي من يكتشفها وفي ذات الوقت أشعرت الطلاب أن هناك من يستمع اليهم ويمنحهم الفرصة حتي لو لم نحقق العلامة الكاملة أو النتيجة المرجوة من أول جولة فقطار التنوير انطلق ولايجب أن يتوقف.
مصر بحاجة لاستعادة الروح الحقيقية لأبنائها وهذا لن يتحقق الا من خلال استعادة الجمال في كل شيء يحيط بنا. وبدلاً من أن نتذكر بأسي صورة القاهرة عندما كانت في الماضي عروس عواصم العالم. ونتحسر عندما نشاهد أفلام الأبيض والأسود حيث الخضرة الكثيفة والأشجاء الوارفة والزهور بكل شكل ولون.. بدلاً من ذلك ازرعوا شجرة ولونوا حائطاً.
مخطئ من يتصور أن مواجهة أصحاب الأفكار الظلامية يكون بالسلاح أو بالخطاب الديني المستنير فقط ولكن أيضاً بالفنون الراقية. فالجمال يطرد القبح واحتواء الشباب يحميهم من الوقوع في براثن شياطين الانس.
القطار انطلق ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة بدأناها بالفعل. المهم أن لانتوقف أو يخرج علينا من يقول انها رفاهية زائدة. فصناعة الجمال تفرز شخصيات سوية قادرة علي العمل والانجاز وهذا أهم مانحتاجه في هذه المرحلة الاستثنائية من تاريخنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف