المساء
مؤمن الهباء
ثلاث بطات عرجاء
إذا دققت النظر في الصور الحديثة للرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو التي تبثها الفضائيات ووكالات الأنباء من الاجتماعات والمؤتمرات الصحفية ستكتشف أن الرجلين يغلب عليهما العبوس وتكشيرة الوجه واضطراب واضح في لغة الجسد وخاصة حركة اليدين . وسبب ذلك يرجع بالتأكيد للمشكلات المتصاعدة التي يواجهانها في الداخل , والتي عكرت علي كل منهما صفو حياته . وصارت تهدد مستقبله السياسي .
دعك من الصور الأرشيفية القديمة للرجلين عندما كانا يتعاملان باستعلاء ويبدوان مثل الديك الرومي المنفوش . وركز في الصور الحديثة بعد الكوارث التي حطت علي رأس كل منهما جراء الاتهامات الخطيرة الموجهة إليه . والتي أنهت مرحلة الاستعلاء والخيلاء . وحولت الديك المنفوش إلي بطة عرجاء كما يطلق الأمريكيون علي رئيسهم عندما تقترب مدته علي الانتهاء ويصبح مغلول اليد عن إصدار القرارات المهمة .
ترامب صار بطة عرجاء بعد عامه الأول في الرئاسة . اختفت ضحكته . وضعفت قبضته . وصار وجوده في البيت الأبيض علي سطح صفيح ساخن . لم تعد له سيطرة علي مساعديه الذين يتقدمون للشهادة ضده واحدا تلو الآخر بعد أن تكاثرت عليه الاتهامات بالتخابر مع روسيا أثناء الانتخابات الرئاسية وتدخلها لصالحه ضد منافسته هيلاري كلينتون . بالإضافة إلي اتهامات الفساد والكذب والتحرش التي تلاحقه كل يوم . واضطرار محاميه لدفع مبالغ طائلة لإسكات صاحبات دعاوي التحرش اللائي يظهرن في الإعلام بشكل يثير الغثيان من هذا الرجل ـ الرئيس ـ المريض بداء الهوس الجنسي . إلي الدرجة التي تدفعه إلي التحرش بموظفة استقبال داخل المصعد ويحاول تقبيلها عنوة وهو الملياردير المشهور امبراطور العقارات .
وقد أدت هذه الاتهامات إلي أن فقد ترامب هيبته . وتشير كل التوقعات إلي أنه لن يكمل فترته الرئاسية . وأنه يحتاج إلي معجزة لكي يستمر في السلطة للسنوات الثلاث القادمة . وكأنما أصابته لعنة القدس منذ أن وقع قرار الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها . متصورا بذلك أنه ينفذ مشيئة الرب كما تروج خرافات المسيحية الصهيونية التي يعتنقها .
والأمر المؤكد أن سقوط ترامب سوف يؤثر بالسلب علي تيار اليمين الشعبوي في أمريكا وأوروبا الذي صعد بصعوده . خاصة بعد أن أثبتت استطلاعات الرأي أنه أسوأ رئيس في تاريخ أمريكا . وأن نسبة الكراهية في المجتمع ارتفعت 4% خلال العام الأول لحكمه .
ويعاني نتنياهو مما يعاني منه صديقه ترامب . حيث تلاحقه اتهامات الفساد واستغلال النفوذ والتربح من المنصب . مما جعل الشرطة الإسرائيلية توصي بسرعة تحريك الدعوي القضائية ضده والتحقيق معه . وعلي مدي ستة أسابيع مضت يتظاهر آلاف الإسرائيليين مساء كل سبت للمطالبة بمحاكمته وزوجته سارة في قضايا الفساد . ووفق وسائل الاعلام الإسرائيلية فقد بدأ العد التنازلي لعزل رئيس الوزراء الذي يحاول استغلال الوقت بكل الطرق ويصور نفسه علي انه ضحية . وقد يدفعه الحصار الشعبي إلي خوض مغامرة عسكرية خارجية لإعادة تجميع الصفوف حوله .
أما البطة العرجاء الثالثة التي سقطت بسرعة فهو هيلا ماريام ديسالين رئيس وزراء أثيوبيا الذي استقال فجأة من منصبه الحكومي ومن رئاسة الحزب الحاكم بعد المظاهرات الشعبية التي اجتاحت العاصمة وبض المدن الكبري احتجاجا علي تأخير الإفراج عن أكثر من 6 آلاف سجين سياسي والتلكؤ في تنفيذ الإصلاحات الديمقراطية والدستورية بالإضافة إلي حالة عدم الاستقرار الاجتماعي الذي تشعر به بعض القبائل هناك .
وكان ديسالين يتفاخر دائما بأنه الحاكم الديمقراطي القوي الذي استطاع أن يحقق استقرارا دستوريا ومعدل نمو تجاوز الـ 10 % . ولا ننسي أن حكومته استخدمت أسلوب المماطلة مع مصر في مفاوضات سد النهضة . وفي بعض المراحل أعطت تصريحات استعلائية ولم تنفذ التزاماتها بالنزاهة التي تطلبتها قاعدة التعاون المشترك " لا ضرر ولا ضرار".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف