الوطن
د . ابراهيم السايح
أحوال مصرية
طلب نادى القضاة تخصيص نصف حصيلة الكفالات لصالح صندوق رعاية السادة القضاة، وربما يطلب فى مرحلة مقبلة تحويل كل موازنة الدولة إلى السادة رجال العدالة ليأخذوا منها كفايتهم ثم يتركوا الباقى للشعب والحكومة!

المجلس الأعلى للقضاة أصدر بياناً فى غاية الاحترام يرفض فيه مطلب نادى القضاة ويستنكره. وأحد السادة رؤساء محاكم الاستئناف قال فى أحد برامج التليفزيون إن أى قاضٍ محترم سوف يتوقف عن الحكم بأية كفالات على أى متهم حال إقرار مطالب النادى. الأسوأ من مطالب نادى القضاة هو الاستجابة السريعة من مجلس النواب الموقر الذى لم يُصدر حتى الآن تشريعاً واحداً لصالح الشعب الذى يمثله، فى حين يوافق فوراً على أى مطالب أو مخصصات أو امتيازات لأعضائه وللسادة أصحاب الوظائف السيادية!!

بمناسبة مطالب نادى القضاة، يصل الحد الأقصى للمرتب الشامل الذى يتقاضاه الأستاذ الجامعى إلى مبلغ يوازى خمسمائة دولار أمريكى، بينما يصل راتب نظيره فى البلدان المحيطة بنا إلى ما يوازى عشرة آلاف دولار، أى عشرين ضعف راتب الأستاذ المصرى، وتصل النسبة فى الكويت إلى ثلاثين ضعفاً!!

الحكومة ترفض إصلاح رواتب أعضاء هيئة التدريس بدعوى أن أساتذة الطب عندهم عيادات وأساتذة الهندسة عندهم مكاتب خاصة وأساتذة التجارة يربحون مبالغ طائلة من توزيع الكتب إجبارياً على الطلبة، وباقى الكليات مالهاش لازمة!!

أما مجلس النواب فلا يناقش هذه القضية لأن الجامعات ليست جهات سيادية! والناس لا تعرف أن معاش الأستاذ الجامعى بعد رحيله عن الدنيا لا يصل إلى ألف جنيه مصرى، ويتراوح بين ستمائة وثمانمائة جنيه!!!

الوطنية المفرطة للسيد الأستاذ الدكتور المحامى سمير صبرى تمنعه من الاكتفاء بجهود الشرطة والجيش والنيابة فى مطاردة أعداء النظام، ففى قضية عبدالمنعم أبوالفتوح -مثلاً- كانت الدولة هى التى تحركت لإلقاء القبض عليه دون بلاغات من أحد، ووجهت النيابة له عدة اتهامات بعضها قد يذهب به إلى الإعدام، ولكن المحامى الكبير رفض الركون إلى هذه الإجراءات وقرر تقديم بلاغ ضد «أبوالفتوح» يتضمن اتهامات جديدة أو اتهامات قديمة بصياغة جديدة. والقصة هنا لا تتعلق بالمتهم المذكور الذى وسوس له شيطانه أو غباؤه الشخصى والسياسى ارتكاب ما هو منسوب إليه، ولكنها تتعلق بذلك المحامى الذى يقضى كل أيامه ولياليه فى تقديم البلاغات ضد كل خلق الله وفى كل شئون الحياة من سياسة وثقافة ودين وفن وإعلام ورياضة (إلخ.. إلخ). ولو ابتسمت الأقدار لهذا الرجل وقررت الدولة تعيينه فى منصب النائب العام لأحال مصر كلها إلى النيابة ما عدا الرئيس والحكومة والجهات السيادية والجيش والشرطة وزميله نبيه الوحش!!

شاب يُدعى أحمد شفيق، وشهرته «فيشة»، عمره 24 سنة، خريج كلية التجارة، قضى السنوات الماضية من عمره يعمل فى مهنة «قطع وخربشة البنطلونات» معظم زبائنه من النساء والفتيات، يذهبن إليه بالبنطلونات الجديدة حتى يقوم بصناعة عدد من الفتحات والخربشات فى كل بنطلون، ويقول الأخ «فيشة» إن هذه المهنة شاقة للغاية، حيث يستغرق تقطيع البنطلون الواحد ثلاث ساعات كاملة فى بعض الأحيان، كما أن الفتيات يتسببن فى إزعاج شديد للأستاذ «فيشة» لأنهن يصرخن كثيراً أثناء التقطيع خشية إفساد البنطلون الجديد!!

الأستاذ أحمد شفيق «فيشة» سعيد جداً بهذه المهنة العجيبة، وحقق منها شهرة واسعة وربحاً جيداً، وهو نموذج محترم جداً للمثل الشعبى «رزق الهبل ع المجانين»!!

مثل شعبى آخر يدور حول «الهبالة» ويقول إن ولداً طلب من أبيه أن يعلمه الهبالة فقال له الأب: «تعالى فى الهايفة واتصدّر»!!

هذا المثل يطبقه هذه الأيام السادة أصحاب هوجة تغيير أسماء الشوارع، فالواقع أن كل الأسماء القديمة تسيطر على أى شارع ذى اسم حديث. عندنا فى الإسكندرية -مثلاً- عدة أسماء فى «حارة اليهود» منها اسم الفنان الخالد العظيم الأستاذ جلال عامر، ورغم هذا ما زال كل الناس يستخدمون الاسم الأصلى للمنطقة.

وفى القاهرة شارع 26 يوليو فى وسط البلد ما زال حتى الآن معروفاً لدى الناس باسم شارع فؤاد، وفى كل المدن والمحافظات الأخرى يضرب الناس عرض الحائط بالأسماء الجديدة للشوارع والميادين ويستخدمون أسماءها التراثية المعروفة. ثم إننا لا مؤاخذة يعنى لن نمحو تاريخ مصر القديم والوسيط والحديث والمعاصر إذا أزلنا أسماء سليم الأول وديليسبس وغيرهما من الشوارع، كما أن أحداً من هذه الأسماء لن يأخذ الشارع معه فى القبر أو يوصى به لأسرته!!

كفاية هبل وخلينا فى المفيد!

تقول التقارير الصحفية والإعلامية إن هيئة السكة الحديد تمتلك أراضى يزيد سعرها على التريليون جنيه، وإنها دائنة لبعض الوزارات والهيئات بعشرات المليارات وغير قادرة على استرداد هذه المليارات لأن الوزارات السيادية ترفض دفع هذه الديون، وإنها تملك أكثر من خمسة آلاف مسكن تؤجّرها بمبلغ ستة عشر جنيهاً فى الشهر أو السنة! ورغم كل هذه الثروات الطائلة يقول السيد وزير النقل إنه سوف يقترض عدة مليارات لشراء عربات جديدة، وصيانة الخط الأول للمترو، واستيراد عدد من القاطرات، فضلاً عن إصلاح المزلقانات وتطويرها.. من المسئول عن هذه المفارقات العجيبة فى السكة الحديد؟ وأين مجلس النواب؟ وأين الجهاز المركزى والأجهزة الرقابية؟

يقال إن الوزير صامت لأنه عاجز عن استرداد أو استثمار ممتلكات الهيئة، وعاجز أيضاً عن تحصيل ديون السكة الحديد لدى الوزارات السيادية، حيث إن وزير النقل لا يملك سلطة محاسبة وزارة العدل أو الداخلية أو أية جهة سيادية أخرى، ولكنه يستطيع فقط الحديث كل يوم وكل ساعة عن ضرورة رفع أسعار تذاكر القطارات والمترو على المواطن الغلبان الذى يعيش ويموت عبداً لأصحاب العزة والسيادة!!

البرامج الحوارية على شاشات التليفزيون تكفى وحدها لتقييم الأداء الشعبى والنخبوى. كل الضيوف يتشاجرون مع بعضهم البعض، وكثيرون منهم لا يسمحون للطرف الآخر بالتعبير عن رأيه، وفى حالات عديدة يشرع أحد الضيوف فى التهجم على آخر وقد يتمكن من الاعتداء البدنى عليه مثلما حدث فى حلقة «شوبير» الشهيرة، هذا إلى جانب الانفعال الشديد ضد بعض أصحاب المداخلات الهاتفية، والذى يصل أحياناً إلى تبادل الشتائم بين الطرفين.

البرامج غير السياسية لا تخلو هى الأخرى من العبط، وأهم سمات هذا العبط الشباب المصفقون الذين يتقاضون أجراً مقابل حضور الحلقة والتصفيق خلالها وفق تعليمات المخرج!

وهناك نوع آخر من البرامج شديدة الغباء والضحالة اسمه (ستاند أب كوميدى)، وهو برنامج لا علاقة له بالكوميديا من قريب أو بعيد، ويدفعك للإشفاق على الشباب والفتيات الذين يقدمونه لجمهور المصفقين، ويقولون فيه كلاماً بلا معنى ويحاول بعضهم انتزاع الإعجاب بأية طريقة حتى لو كانت تمثيل حركات الشخص أثناء قضاء حاجته فى دورة المياه!! هذا البرنامج الغبى تعرضه قناة اسمها «موجة كوميدى» وليس فيها أى شىء من اسمها.

البرنامج الوحيد الذى يقدم شيئاً له معنى هو برنامج «الفرنجة» الذى يقدمه أشخاص على مستوى فنى متميز ويقولون فيه كلاماً له معنى من خلال مقارنة سلوكيات المصريين بسلوكيات الأوروبيين.

قال الأستاذ موسى مصطفى موسى، المرشح الرئاسى، فى حديث لصحيفة «المصرى اليوم» إنه حال نجاحه فى الانتخابات المقبلة لن يتخلى عن الرئيس الحالى، وإنه سوف يقوم بتعيينه فى وظيفة لائقة للاستفادة من خبراته! شكراً يا أستاذ مصطفى على هذه الجنتلة!!

عبدالعزيز توفيق وسمير رجب.. اللى خلف ما ماتش!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف