جلال دويدار
لا عائد من خفض فائدة البنوك.. دون استثمار وانتاج وتصدير
كل الاقتصاديين وحتي المواطنين المضارين من خفض فائدة الادخار بالبنوك يؤيدون هذا القرار. إنهم يتطلعون الي مساهمة هذا الاجراء في تحسن الاقتصاد وبالتالي أوضاعهم المعيشية. تبرير الاقدام علي هذا الاجراء بانخفاض معدلات التضخم سوف يدعو إلي التساؤل عما إذا كان سيعقب ذلك هبوط فعلي في أسعار الاحتياجات باعتبارها وراء انفلات هذا التضخم. ليس أمامنا سوي الانتظار واتاحة الوقت لتحقيق هذه الآمال حتي يمكن القول بسلامة توقيت هذا القرار.
ما قيل ويقال عن أن هدف تخفيض أسعار الفائدة.. تشجيع وتحفيز الاستثمار الداخلي والخارجي.. سوف يفقد معناه وقيمته إذا لم يتحقق ذلك علي أرض الواقع. من المؤكد أن المسئولين في البنك المركزي الذين اصدروا هذا القرار يدركون أن لا فائدة ولا عائد لقرارهم علي الاقتصاد والحياة المعيشية اذا لم يترتب عليه اجتذاب استثمارات حقيقية وزيادة في الانتاج.. غياب هذه النتائج ـ باعتبارها عصب الاقتصاد القومي ـ يعني العودة إلي »الدولرة».. التي تؤدي إلي انفلات الاسعار والتضخم وهو ما ينسحب علي تعاظم المعاناة اقتصاديا ومعيشيا.
لضمان إيجابية وفاعلية هذا القرار فإن الدولة وأجهزتها مطالبة بتوجيه كل جهودها بأمانة وشفافية وجدية لتشجيع الانتاج. التوصل إلي هذا الهدف يتم أيضا من خلال المصانع العاملة ومساعدتها علي التحديث والتطوير وحصولها علي مستلزمات الانتاج. يضاف إلي ذلك وبشكل أساسي تفعيل ما جاء في قانون الاستثمار الجديد لتحفيز المستثمرين لاقامة مشروعات للتصنيع والتصدير.. يتحتم ايضا علي الأجهزة المعنية العمل علي إزالة العقبات أمام إعادة تشغيل المصانع المغلقة والمتعثرة. هذه الخطوة المهمة لا تجد من يتبناها. طارق عامر محافظ البنك المركزي أصدر قرارا باتاحة ٥مليارات جنيه لتحقيق هذا الهدف إلا أن التفعيل مازال يحتاج إلي التدخل والمعالجة مع البنوك وأصحاب هذه المصانع.
من ناحية أخري وللحفاظ علي مصالح المدخرين بعد قرار خفض الفائدة وباعتبار أن مدخراتهم تمثل ركيزة للنهوض الاقتصادي والانتاجي.. فإنه من الضروري توفير فرص للاستثمار لهم. لابد من أن تكون هناك مشروعات عائدها مضمون ومجز لجذب المدخرات بدلا من تخزين بعض البنوك لها اكتفاءً بدفع العائد. يحدث هذا نتيجة عجزها عن تقديم افكار لاستثمارها في مشروعات انتاجية تفيد اصحابها والبنوك والاقتصاد القومي.
ليس خافيا أن معدلات الفائدة المرتفعة كان اجراء وقتيا مرتبطا بتحرير سعر الصرف والتصدي للانفلات في أسعار الدولار ارتفاعا، والجنيه المصري انخفاضا. كان لابد من العودة إلي المعدلات الطبيعية لأسعار هذه الفائدة علي أساس وجود مؤشرات مقنعة حول زوال أسباب اللجوء إليها.
بالطبع فإنه لا عائد ولا هدف من أي قرارات أو اجراءات إذا لم تنعكس آثارها إيجابا علي الاقتصاد والحياة المعيشية للمواطن. من ناحية أخري فانه يجب ادراك ان عدم التأكد من العائد الاقتصادي المستهدف من وراء تخفيض سعر الفائدة.. لا يمكن تعويضه أو تبريره بانخفاض أعباء الدين العام للدولة.