مررنا علي الخبر مرور الكرام. قرأناه وابتسمنا ثم طوينا الصحيفة وألقينا بها جانبا. ياله من انسان غريب الأطوار بيل جيتس مؤسس شركة "مايكروسوفت " وأغني أغنياء العالم. انه بالتأكيد شخص عبقري غير عادي. لكنه علي كل حال رجل نبيل يهتم بشئون الفقراء ويتبرع كثيرا للمؤسسات الخيرية. ومن ثم فهو جدير بأن نهتم بأخباره وتصريحاته. اذن فلنعد الي الصحيفة ونقرأ مرة أخري .
يقول الخبر ان الملياردير بيل جيتس قال انه يجب علي الأثرياء مثله دفع ضرائب أكثر مما تفرضه الحكومة الأمريكية بالفعل. وأوضح في حوار مع محطة سي.ان.ان : " يجب أن أدفع ضرائب أكثر. لقد سددت ضرائب بقيمة تتجاوز 10 مليارات دولار لكن الحكومة يجب أن تطالب أمثالي من الأثرياء بضريبة أكثر بكثير. ان قانون الاصلاح الضريبي الأخير في الولايات المتحدة رجعي وليس تقدميا. يخدم الأغنياء وليس الطبقة العاملة. والحقيقة أن أزمة التفاوت في الدخل تحتاج الي تدبير من جانب الديموقراطيات الكبري حول العالم ".
حسنا. لقد أخلص الرجل ضميره وقال ما عنده لتحقيق العدالة. وهو أمر يشكر عليه. لكنه للأمانة ليس أول من طرح فكرة زيادة الضر ائب علي الأغنياء لتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية. نحن هنا في مصر لدينا من سبقه في هذا الاتجاه. وكانت لدينا محاولات عديدة لتطبيق الضرائب التصاعدية علي الدخل. لكنها باءت جميعا بالفشل خوفا علي مصالح الأثرياء ومنعا لهروب رؤوس الأموال .
وكان رجل الأعمال سميح ساويرس قد اقترح فرض ضريبة استثنائية خاصة تسمي " ضريبة الأغنياء " تقدر قيمتها بـ 5% علي من يزيد دخله عن مليون جنيه في العام. وتطبق لمدة خمس سنوات فقط. وبالفعل صدرت الضريبة بالقانون رقم 44 لسنة 2014 الذي قضي بتحصيلها مؤقتا لمدة ثلاث سنوات بدلا من خمس. ثم تم الاكتفاء بتحصيلها لمدة عام واحد. الي أن تم الغاؤها في يونيه 2016 ورد المبالغ المحصلة الي أصحابها .
وفي أبريل 2016 طلب اتحاد المستثمرين ـ رسميا ـ من الحكومة تطبيق نظام الضرائب التصاعدية لتصل في حدها الأقصي الي 30% لمن يزيد دخلهم السنوي علي 50 مليون جنيه انقاذا للاقتصاد وحلا لمشكلة عجز الميزانية. وقال محمد فريد خميس رئيس اتحاد المستثمرين في تصريحات صحفية ان المقترح تم ارساله الي رئيس الوزراء. وطبعا رئيس الوزراء لاحس ولاخبر .
وفي يوليو 2016 أرادت مجموعة من أعضاء مجلس النواب مساعدة الحكومة في الأزمة الاقتصادية التي تواجهها فتقدمت بمشروع قانون الي رئيس الوزراء ووزيري المالية والتخطيط لفرض ضريبة جديدة علي الأغنياء فقط تسمي " ضريبة الرفاهية " وتطبق علي القصور والفيلات الفارهة. لكن الاقتراح لم يجد أذنا صاغية ووئد في مهده قبل أن يري النور .
في المقابل وحرصا علي الترفق بالأثرياء ورجال الأعمال أعلنت الحكومة في مارس 2015 خفض الحد الأقصي لضريبة الدخل من 25% الي 5.22 % لمن يتجاوز دخله 200 ألف جنيه سنويا من الأفراد والشركات. وكان مبررها في ذلك تشجيع الاستثمار .
ومن أجل الترفق بالمستثمرين أيضا تم رفض ضريبة أرباح البورصة التي كانت فكرتها مطروحة وجاهزة للتطبيق. ومن أجلهم تدفع الحكومة مبالغ طائلة لدعم الصادرات والمصدرين ثم تشكو مر الشكوي من قيمة الدعم الذي تقدمه لمحدودي الدخل وتعمل بكل السبل علي تخفيضه تدريجيا بما يؤدي الي رفع الأسعار .