من المؤكد أن الحاكم، أي حاكم، يهمه أن تكون صورته طيبة لدي شعبه، سواء الكبار منهم أو الشباب، حتي وإن كان لا يلبي كل مطالب الشعب.. لكن الأغلب أن الحكام لا يكترثون أو يهتمون كثيرا بصورتهم لدي أطفال شعوبهم.. ربما لأن هؤلاء الأطفال ليس لديهم أصوات انتخابية يسعي الحكام للحصول عليها أسوة بما يفعلون مع الكبار، أو لأن الكبار عادة ما يكونون هم الذين يقومون بصياغة آراء ومواقف وتصورات أطفالهم.
غير أن ما عرضه أحد البرامج التليفزيونية الكوميدية في أمريكا حول رأي بعض أطفال أمريكا في رئيسها دونالد ترامب سوف يحفز ويدفع الكثيرين من حكام العالم للاهتمام بصورتهم لدي أطفال شعوبهم، مثلما يهتمون أو أكثر بصورتهم لدي الكبار، حتي وإن كان هؤلاء الأطفال لا يملكون أصوات انتخابية يتنافس علي الحصول عليها هؤلاء الحكام للفوز بمقاعد الحكم.. فما قاله الأطفال في أمريكا حول ترامب لا يكشف فقط أنهم يدركون ويعرفون الكثير، وإنما يكشف أيضا أن لديهم موقفا ورؤية حول رئيسهم، إذا ما تداولتها مع الكبار، الآباء والأمهات والأقارب الآخرين، ربما أثروا عليهم، وبالتالي أثروا علي طريقة تصويتهم مستقبلا !
لقد كانت صورة ترامب لدي أطفال أمريكا الذين سألهم عنه البرنامج الكوميدي سلبية وغير طيبة، وكانت نظرتهم ناقدة ورافضة لبعض تصرفاته وأفعاله، بل وقراراته أيضا، رغم أن هؤلاء الأطفال لم تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، بل كان بينهم أطفال في الرابعة والخامسة من العمر.
فها هو طفل يتهكم علي ترامب ويعتبر أن أعظم أعماله أنه أنقذ العالم من الانسجام !.. وها هي طفلة تنتقد تهديد ترامب لكوريا الشمالية لأنها لا تريد كما قالت أن تضربها كوريا الشمالية بالسلاح النووي !.. وها هي طفلة أخري لا تعتبره ذكيا وتهكمت علي تهديده للصين.. بينما تتهكم أصغر طفلة منهم علي ترامب لأنه يطرد الصحفيين في مؤتمراته الصحفية.. في الوقت الذي لخص فيه طفل آخر صورة ترامب لديه بأنه صاحب وجه برتقالي وأصابع صغيرة.. وقال طفل غيره أن شعره هو شخصيا أفضل من شعر ترامب الذي اعتبره أهم ما يميزه !
وهكذا تكونت بالفعل صورة لترامب لدي هؤلاء الأطفال غير إيجابية بل سلبية، ولعل ذلك أثار انتباه الرئيس الأمريكي، خاصة وأنه يتابع كل ما ينشر ويذاع عنه وحوله ويهتم بالرد عليه والهجوم علي من قاموا به إذا تضمن نقدا له.. وربما يفسر ترامب هذه الصورة السلبية التي يحتفظ بها هؤلاء الأطفال في أمريكا عنه بالهجوم المتواصل الذي يتعرض له منذ أن أعلن فوزه في انتخابات الرئاسة الأمريكية وقبل أن يدخل رسميا البيت الأبيض.. ولكن أيا كانت الأسباب حول هذه الصورة السلبية لترامب لدي الأطفال في أمريكا فإنه الأغلب سوف يبدأ في الاهتمام بصورته لدي الأطفال وليس الكبار فقط.. بل لعل ترامب لن يكون الحاكم الوحيد في العالم الذي سوف يهتم مستقبلا بصورته لدي أطفال شعبه حتي وإن كانوا لا يملكون أصواتا انتخابية !