أحمد سليمان
محاكاة سوق الخضار الإعلام الهايف
لم أنزعج وأنا أتابع ما تفعله برامج التوك شو التي انبرت تتحدث عن تجربة محاكاة لسوق الخضار في القرية نفذتها روضة مدرسة عمر بن الخطاب التابعة لإدارة القرين التعليمية بمحافظة الشرقية.. بعض هذه البرامج أيدت الفكرة وأشادت بها ودعت الجهات الرسمية لتعميمها.. والبعض الآخر هاجم التجربة بشدة علي الرغم من أنها ضمن المنهج التعليمي الذي وضعته وزارة التربية والتعليم الذي يهدف إلي تنمية شخصيات الأطفال وتعريفهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه وكيفية الحساب من خلال عملية البيع والشراء والتعرف علي العملة والتعامل بها.
نشر توجيه رياض الأطفال التابعة له المدرسة بعض الصور لتجربة محاكاة سوق الخضار بالقرية.. فما كان إلا أن تلفقته برامج التوك شو التي تفتقر لمعايير المهنية وتفتقد للوعي في اختيار الموضوعات التي تتم مناقشتها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن.. فوجدنا معظم هذه البرامج لم تستوقفها التجربة إلا عند إهانة الأطفال الصغار وإجلاسهم علي الأرض في البرد دون رحمة بهم والتقليل من قدرهم وإشعارهم بالدونية.. ولم تلتفت هذه البرامج إلي حالة الفرحة التي انتابت هؤلاء الأطفال الذين بدوا وكأنهم يلعبون ويخرجون عن الطرق التقليدية في التعليم التي تنفر كل تلاميذ وطلبة المدارس بلا استثناء حتي أصبح يوم الإجازة أو الغياب من المدرسة من أسعد أيام حياتهم.
بسرعة انتشار النار في الهشيم انتشر موضوع محاكاة سوق الخضار بين القنوات الفضائية التافهة حتي وصل إلي قمة القنوات التافهة وهي قناة "الجزيرة" القطرية التي تناولت الموضوع بشيء من السخرية والتهكم والهجوم طبعاً.
استفزني الموضوع وطريقة تناوله.. فاتصلت بمسئولة توجيه رياض الأطفال بالإدارة التعليمية بالقرين المربية الفاضلة السيدة هالة السيد الصادق المشرفة علي التجربة.. التي أوضحت حقيقة الأمر.. فقالت:
أولاً: نشاط السوق هو أحد أنشطة التعلم بالمحاكاة وهو أحد معايير منهج "حقي ألعب وأتعلم وأبتكر".. وهو أيضا أحد معايير الوثيقة القومية لرياض الأطفال.
ثانياً: نشاط السوق هو أحد أنشطة كتاب "إطار المنهج" الذي تعمل به جميع معلمات رياض الأطفال علي مستوي الجمهورية والواردة من الوزارة.
ثالثاً: نشاط السوق من الأنشطة المحببة للأطفال.. حيث يمارس فيها الطفل فعلاً ألعابه التي يلعبها في المنزل أمام والديه مع إخوته.
رابعاً: هذا النشاط من الأنشطة الأصيلة في علاج بعض المشكلات النفسية عند الأطفال مثل الخجل والانطواء والعدوانية والنشاط الزائد ويرسخ سلوكيات إيجابية أصيلة مثل التعاون والأمانة والغيرية والإيثار.
خامساً: في مدينة القرين يكون السوق هكذا بالضبط.. أي أن المعلمات نقلن أرض الواقع إلي أرض الروضة.. وأحضرن السوق الحقيقية داخل الروضة.
سادساً: التعليم والتعلم برياض الأطفال قائم علي اللعب.. ولو أمعنتم النظر في صور الأطفال تجدهم في منتهي السعادة وهم يمارسون البيع والشراء.. فضلاً عن تعريفهم بالعملات وعلي أنواع الخضراوات والفاكهة الصيفية والشتوية.. كما يتعرف الطفل علي مهن مختلفة شاهدها داخل الروضة مثل البائع والجزار والفلاح.. ولابد له أن يتعلم احترامها لأنها تشاركه المجتمع.
سابعاً: يعاني الكثير من الأطفال في هذه الأيام من التوحد بسبب انفصالهم عن الواقع.. فما نفعله مع أطفالنا برياض الأطفال هو علاج مثل هذا التوحد وغيره من المشكلات النفسية.
أرجو أن يكون هذا الرد شافياً وكافياً ومقنعاً لكل ذي عقل.. أما عديمو العقول فلا مجال لإقناعهم.. لأن "الجهالة" أعيت من يداويها.