الأخبار
هالة العيسوى
تحية لمسئول.. ووقفة مع آخر
آفة حكوماتنا منذ عقود افتقارها للوزير أو المسئول السياسي الذي ينظر بعين الاعتبار إلي البعد الاجتماعي في بلد يعاني من الفقر واتساع الطبقة الضعيفة والمهمشة. في اليومين الماضيين حدثت واقعتان مهمتان مؤثرتان علي قطاع عريض من المواطنين، الأولي حادث قطار البحيرة الذي أودي بحياة 12 مواطنا - حتي كتابة هذه السطور - بخلاف عشرات المصابين إضافة إلي الخسائر المادية الناجمة عن الحادث، والحادث الثاني هو تلوث مياه الشرب في الإسكندرية.
مع أن حادثة القطار ليست الأولي من نوعها وقد شهدنا في السنوات الأخيرة تكرارا مؤسفاً لمثل هذه الحوادث وبمقدور وسائل الإعلام أن تناقشها لشهور قادمة ففيها الكثير مما يمكن تناوله بالنقد والتحليل إلا أنني سأتوقف الآن أمام منهجين مختلفين في التعامل مع الأزمات التي تندرج تحت تصنيف المستوي الكارثي، ولا أجد بداً من المقارنة بين أداء ورؤية اثنين من المسئولين في مصر المحروسة.
في مداخلتين متتاليتين مع الإعلامي عمرو أديب ظهر وزير النقل تعقيبا علي حادث القطار، ورئيس هيئة مياه الشرب تعقيبا علي تلوث مياه الإسكندرية وانقطاع المياه في بعض مناطق الجيزة. في المداخلة الأولي بدا صوت وزير النقل متهدجاً تأثرا بحجم الكارثة ومع أنه اعترف بأنه المسئول الأول في واقعة القطار، إلا أنه استبق نتائج تحليل الشريط المصاحب لسائق القطار لمعرفة أسباب التصادم فأرجع السبب إلي »الإهمال المتراكم منذ سنوات»‬، وأعلن أن الحل الوحيد هو تطوير البنية التحتية التي تحتاج مليارات الجنيهات وأن زيادة أسعار القطارات هي الطريقة الوحيدة لتوفير هذه الموارد وقال إن هذه العملية بدأت بالفعل ولكن علي خط القاهرة - الإسكندرية، واعترف بأن خط المناشي موضع الكارثة لم يكن علي خريطة التطوير التي وضعها باعتبار أنه خط قليل الكثافة ويستخدم أساسا لنقل البضائع ! هنا لابد من وضع العديد من علامات التعجب والاستفهام.
فالإهمال وفق رؤية الوزير يشمله هو أيضا لأنه أهمل التنبؤ بالأزمة رغم قوة احتماليتها نظرا لتهالك البنية التحتية كما ذكر بنفسه، ولم يضع تصورا لإدارتها حال حدوثها، وحتي بعد وقوعها تهرب من الرد المباشر علي سؤال حول ما سيفعله فور رفع حطام القطار من علي خط السكة الحديد.
في المقابل ظهر رئيس هيئة مياه الشرب بصوت واضح قوي وأرجع أسباب تلوث المياه بالإسكندرية إلي نقص منسوب المياه في البحيرة بما يؤدي إلي زيادة نسبة الأمونيا في مياه الشرب ونظرا لعدم قدرة محطات المياه الموجودة علي معالجة نسبة الأمونيا العالية فقد تم قطع المياه إلي أن انتهي حل المشكلة تلافيا لوقوع مخاطر صحية للمواطنين. ثم تحدث عن أسباب قطع المياه عن مناطق الجيزة بإجراء تحويلات في الوصلات نتيجة أعمال حفر مترو الأنفاق والتزم بموعد عودتها في الثامنة من صباح الأمس.. وأشهد - بما أنني من سكان هذه المناطق المتضررة من انقطاع المياه - بأنها عادت قبل الموعد المحدد بأكثر من ست ساعات، وأكد الرجل أن السياسة المتبعة هي قطع المياه عند وجود احتمال أي خطر صحي يهدد المواطنين. هنا تفرض المقارنة نفسها بين أداء اثنين من المسئولين الأول لا يضع احتمال وقوع كارثة رغم وجود المسببات القوية ولا يعلن عن إغلاق الخط المنكوب سواء قبل الكارثة أو بعدها والثاني أوقف تدفق المياه حتي اطمأن إلي تلبية المعايير الصحية اللازمة لمياه الشرب. الأول يستحق منا وقفة مع عدم نكران جهوده في قطاعات النقل الأخري والثاني يستحق منا التحية.
رفقاً يا ملاك الموت
رفقا بنا يا ملاك الموت.. حنانيك.. أمس الأول انتزعت منا ورقة أخري من شجرة الأخبار الوارفة.. وودعنا واحداً من أساتذة الأجيال كنا نستظل به وبرعايته المهنية والإنسانية.. فايز بقطر عمدة كل القري المصرية والمشرف السابق علي قطاع المحافظات خارج القاهرة. عمو فايز الذي يقطر إنسانية ومحبة للجميع، مرفوع الرأس رغم وطأة المرض، الصابر المحتسب علي البلاء وهزيمة العمر، ومن قبله ودعنا الناقد الفني مجدي عبد العزيز الذي لم تفارقه ابتسامته العطوف حتي لحظات العمر الأخيرة. رحم الله الراحلين العزيزين وألهم محبيهما وتلاميذهما الصبر علي الفراق والتشبث بالقدوة الصالحة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف