المساء
مؤمن الهباء
السرطان الإعلامي
كان الله في عون صديقي الدكتور حسن علي عميد كلية الإعلام جامعة السويس ورئيس جمعية حماية المشاهدين فقد بح صوته من التنبيه إلي الفوضي والعشوائية السائدتين في الإعلام المصري والدعوة المتكررة إلي ضرورة إلزام الإعلاميين بالمعايير العلمية والمهنية وتطوير الأداء حتي لا نفاجأ بكوارث قد يصعب علاج آثارها السيئة داخليا وخارجيا .
يتحدث الدكتور حسن كثيرا عن هذا الأمر في الفضائيات ويكتب في الصحف ويصدر التقارير الدورية شارحا وموضحا ومحذرا علي أسس علمية وقانونية لإصلاح المنظومة الإعلامية كي تكتسب المصداقية والكفاءة التي تستطيع بهما إقناع الجمهور والحصول علي ثقته واحترامه ومواجهة الحملات الخارجية لكن ـ للأسف ـ يذهب صوته أدراج الرياح ويكون الحصاد في النهاية تلك السقطات المريعة التي يقع فيها إعلامنا وإعلاميونا الذين يفتقد بعضهم إلي المؤهلات الصحيحة للقيام بهذه الرسالة السامية.
مؤخرا كتب يقول: ضج أعضاء جمعية حماية المشاهدين بالشكوي . وضاقت تقاريرهم بسقطات بعض مذيعي الفضائيات الخاصة بنزوعهم نحو الغرائب وكسر التابوهات والخروج علي المألوف وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة والانحطاط في التعبير والتدني والتسفل لجذب الانتباه ومزيد من الإعلانات أرسلنا الكثير من التقارير السنوية لمجلس الوزراء والمجلس الأعلي للإعلام ولا حياة لمن تنادي لقد كتبنا عن "ر.س" وغرائبها مرات وعن "أ.م" وانحطاط لغة الخطاب وتنابذ "خ.ص" و"ع.أ" وتدني لغة الحوار عند "م.م" بتشجيع من محاوريه . كتبنا عن "أ.ا" وقلنا لا تصلح مذيعة ابتداء فقد تلبستها الحماقة . وحذرنا من "م.ع" واللغة السوقية المبتذلة والقضايا التي تطرحها وصورة الدولة المصرية التي يهدمونها بحجة محاربة الفساد وآخر هذه المصائب ما بثته إحدي القنوات في برنامج طبي إعلاني احتوي علي صور إباحية يا أيها السادة لقد ارتكز الإعلام المصري في القاع ويصر علي سحبنا إلي القاع . أليس في هذا البلد قانون يحاسب هؤلاء المدعين؟
وكتب الدكتور حسن كثيرا عن الإعلام وصناعة الأمل لكنه يؤكد أن شطحات ومبالغات بعض الإعلاميين أفسدت هذا المصطلح وأفرغت صناعة الأمل من مضمونها وجاءت بنتائج عكسية .
لقد كان الإعلام المصري رائدا في محيطنا العربي وإعلاميونا هم الذين علموا إخوانهم العرب والأفارقة أسرار هذه الصناعة الثقيلة القائمة علي الموهبة والعلم والمرتكزة علي الأدب والثقافة الرفيعة لكن ما نشهده الآن من انحدار المستوي المهني والأخلاقي في إعلامنا يؤذي ضميرنا الوطني حتي وصل الأمر إلي حبس مذيعة وعدد من فريق الإعداد وإحالتهم إلي المحاكمة بتهمة خطف أطفال والإتجار بالبشر وإحالة مذيعة أخري للتحقيق لاستخدامها عبارات غير لائقة أثناء تناولها قضية الاغتصاب الجنسي وتحول برامج التوك شو المسائية إلي ساحات لتبادل الشتائم والسباب والتهديد بضرب الجزم لأسباب شخصية لا علاقة لها بمصلحة الوطن وقضاياه.
بالتأكيد مصر تستحق إعلاما أفضل من هذا . وتستحق إعلاميين افضل من هؤلاء وعلي الأجهزة المعنية أن تسارع إلي إنقاذ البلاد والعباد من هذا السرطان الإعلامي الذي ينخر في جسد مجتمعنا ويشوه صورتنا في الخارج ويسئ إلي قيمنا وتقاليدنا . سواء فيما يبثه من برامج تافهة وسطحية أو مسلسلات ساذجة ومشينة.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف