الجمهورية
منى نشأت
الغالي.. عندك
هل مازلت تبحث عنه. هذا الشيء الغالي عليك والذي ضاع منك أثارت في نفسي السؤال تلك الكندية. التي فقدت خاتمها الثمين. وظلت حزينة عليه خمسة عشر عاماً. وأنهت حزنها بأكلة سمك في مطعم.. حيث وجدته في فم السمكة المشوية. لتصرخ بفرحة الفص الماسي.. وتجمع الكل حولها علي صوت واحد.. "وجدته". تماماً كصرخة نيوتن حين اكتشف قانون الجاذبية.
يا بختها.. وجدت ما ضاع ربما لأنه مجرد جماد.. عاد. لكن بعض الفقد ليس له من عودة. وكل ما بينك وبين الآخر له نهاية. أهونها هجر.. وافظعها موت. واحد منا سيترك الثاني حتماً.
ولأن الموت يأتي بغتة دون استعداد ولا حاجة لاستئذان.. سنتركه إلي موعد لا نعرفه لينهي ما ينهي. ونبدأ رحلة جديدة.
البعض يعيش ثلاث مرات.. أو أنها مراحل. الأبحاث ومعها سارة هنري.. تؤكد أنها تعي ما قبل ميلادها. وفي كتابها "القدوم من النور" تحكي كيف تروي حكايات عن جدها ومواقف حدثت قبل أن تأتي للحياة. لتكتشف أنها كانت تدرك كل ما حولها وتعيشه قبل أن تولد إنه نفسه ما دونه "مايكل ماغوير" في كتابه "الحياة بالأفكار" عمن عاشوا قبل ميلادهم وعايشوا أفراداً كانوا وقتها أحياء.
قبل الميلاد
أثارت الحياة قبل الميلاد اهتمامي.. لأني عبثاً رويت أني رأيت مشهد ولادتي وترحيب أبي بلحظة ميلادي والتقاطي وفرحته.. والشباك وبصيص نور من أشعة شمس.. وترتيب بيتنا ولون السجاد الذي لم يكن موجوداً حين وعيت. لكن أحداً لا يصدق أو أنهم يخافون التصديق. تماماً كما يمر خيال بجانبنا فنستعذ بالله.. ونفضل أن ننسي.
لكني ظللت أبحث حتي عثرت علي ذلك البحث وصحبة كتب وناس عرفوا الدنيا قبل أن يخرجوا إليها.. مرحلة لم يصل إليها الجميع.. تشبهها مرحلة ثانية من الحياة يعرفها من رأي الموت.. وكأنه ذهب وعاد وهناك من يقل.. ومن يكتب ويدون.. كتب وأفلام ومسرحيات.. تصف ما بعد الموت بقلم حي. وستبدو الفكرة قريبة إن كنت دخلت غرفة العمليات ووقعت تحت تأثير "البنج".. ورأيت غيبيات.. وعالم غير العالم.. إنه ما يحدث في الغيبوبة.. أيضا إن أعقبها إفاقة.. ولكن تكرر نفس الجملة.. ليس كل الناس من بني البشر عاشوا ما بعد الموت ولا ما قبل الحياة.
وللموت كما للميلاد مادة أمر الخالق أن تفرزها الأجساد.. لتقبل تلك اللحظة الفارقة الرهيبة أنها لا تفرز إلا مرتين ليلقي بك الدنيا أو لتحتمل الخروج منها.
الحياة حلوة
تجارب أهل العلم فشلت في استخدام نفس المادة لتخفيف الألم ومثلها محاولات أهل الإدمان.. في الطيران بها فوق السحاب حيث الاقتراب منها في غير اللحظتين التي خلقها الله من أجلها هو تدمير لخلايا المخ.. وفي بعض الأحيان تغييب بلا عودة.
ربما تكون لست ممن عرفوا الحياة قبل الميلاد ولا عشت تجربة ما بعد الموت.. وهما مرحلتان مؤكدتان لدي قليل بل نادر من بشر. قد لا تكن منهم أو أنه في الأغلب ضاعت منك كما ضاع خاتم المرأة الكندية الماسي.. لكنك لن تجد أي من المرحلتين داخل سمكة ولا في الحلم.. وإنما حاول أن تحيا المرحلة الثالثة أو هي الثانية في الترتيب.. فأنت الآن حي.. وهي الأجمل ففيها الإدراك الكامل.. فلا تغيبه بمخدر ولا تستسلم لألم.. ولا لسنوات تجري وأنت جالس مكانك تعدها. "خللي بالك من نفسك فللنفس علي الجسد آثار". أشهر جراح تجميل في السويد "جوهانسون" أجري تسع عمليات تجميل لامرأة ثم قال.. لن يعد لوجهك جماله إلا حبك للحياة.
فللحب مادته التي تهبك السعادة. حتي التضحية لها مادة هي "الاندروفين". وبها غني الريحاني "عشانك انتي انكوي بالنار".
لا تظن أنك كائن صغير في كون كبير. فأنت وحياتك ودقاتك.. وتلك المواد التي خلقها الله لك.. بداخلك عالم بأكمله.
"من طين"
برجي ترابي وأنت مائي فكانت.. "طين".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف