المساء
مؤمن الهباء
الإصلاح التشريعي.. وتكدس القوانين
نحن جميعا ندعو إلي تحديث وتطوير القوانين حتي تتلاءم مع الواقع ومستجدات الحياة وتكون قادرة علي تحقيق العدالة الناجزة والردع المطلوب وتحصين المجتمع ضد الجريمة . وفي هذا الإطار أعلن الدكتور صلاح حسب الله المتحدث باسم مجلس النواب أن المجلس نجح في إنجاز 326 مشروع قانون وهو رقم قياسي مقارنة بالمجالس التشريعية السابقة . وأن المجلس يتصدي للمهمة التشريعية علي أكمل وجه لكن الدكتور شوقي السيد أستاذ القانون والفقيه الدستوري نبهنا ـ في هذا الصدد ـ إلي ضرورة النظر بعين الاعتبار إلي مشكلة تكدس التشريعات وتأثيرها السلبي علي إجراءات التقاضي.
يقول د. شوقي السيد في تحقيق صحفي نشرته "الأهرام " يوم الأحد الماضي ـ 25 فبراير 2018 ـ إن لدينا أزمة في صناعة التشريع حيث ان معظمها "تشريعات رد الفعل" أو يتم نظرها علي عجل مما أدي إلي تراكمها وصعوبة التطبيق أمام كل العاملين في مجال القانون سواء القضاة أو المحامون أو جهة الإدارة لصعوبة متابعة التشريعات والتعديلات التي طرأت علي القوانين . ومازال لدينا مشكلة في تطوير التشريعات رغم وجود اللجنة العليا للإصلاح التشريعي فمازالت بعض التشريعات لا تتلاءم مع الأحداث.
فالإنجاز إذن ليس بكثرة عدد التشريعات وإنما بمدي خضوع هذه التشريعات للتدقيق والتمحيص الكافيين لتؤدي الرسالة المطلوبة ولكي يتحقق ذلك يطالب الدكتور شوقي بمواجهة مشكلة تكدس التشريعات وتحديث و إصلاح التشريعات القائمة . وهي دعوة للجنة العليا للإصلاح التشريعي مع أهمية إنشاء لجنة برلمانية لممارسة حق الرقابة علي ما تحقق من نتائج هذه التشريعات علي أرض الواقع بما يحقق العدالة الناجزة التي يشعر بها المواطن في الحال . وتيسير إجراءات التقاضي وترسيخ الحقوق والحريات .
ثم يأخذنا د.شوقي السيد إلي نقطة أخري في غاية الأهمية ونحن نتحدث عن الإصلاح التشريعي وتكدس القوانين فيشير إلي أن هناك قوانين تصدر ولا يتبعها صدور اللائحة التنفيذية . فعلي سبيل المثال قانون زراعة الأعضاء صدر في مارس 2010 وحتي الآن لم تر اللائحة التنفيذية النور . والنتيجة زيادة جرائم الاتجار في الأعضاء لأن القانون غير مطبق لمواجهة هذه الجريمة . وحسب منظمة الصحة العالمية فإن مصر تأتي في المرتبة الخامسة في جرائم الاتجار وهنا تتضح أهمية تفعيل القوانين ومتابعة تنفيذها بعد صدورها.
القانون هو الضامن الحقيقي لضبط السلوك الإنساني وتحقيق التوازن بين المصالح المتعارضة . وكلما كان المجتمع متحضرا كان أفراده أكثر احتراما والتزاما بالقانون وهذا يتطلب أن يعي المشرعون أهمية أن يحظي القانون بالرضا العام . ولذلك من الضروري جدا دراسة القوانين قبل إصدارها ومراجعة مدي دستوريتها بعيدا عن حالات الاستعجال لمواجهة حوادث طارئة حتي لاتخرج إلي النور مصابة بشبهة عدم الدستورية مما يفتح الباب للطعن عليها واحتمال بطلانها.
ثم يأتي من بعد ذلك دور القضاة والادعاء والمحامين باعتبارهم العناصر الفاعلة في منظومة تطبيق القوانين . لأن الهدف ليس مجرد إصدار القوانين وإنما تطبيقها عمليا علي أرض الواقع من خلال القضاة المؤهلين لهذه المهمة المقدسة والنيابة والمحامين الذين يتولون الدفاع عن المتهمين هؤلاء هم الذين يتعاملون بالقانون ويبثون الروح فيه . فيتحول من نص مكتوب إلي سيف يفصل بين الحق والباطل وحينما تصدر الأحكام التي ترد الحقوق وتوقع العقوبات علي المخالفين نكون قد بلغنا الهدف الأسمي وهو تحقيق العدالة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف