المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
في رحاب أهل الإيمان نعيش علي مدي أيام الشهر الكريم باذن الله مع واحد من هؤلاء الرجال الذين استقر الإيمان في قلوبهم فكانوا نجوماً ونموذجاً ورموزاً وقدوة لكل الأجيال واستحقوا أن يمتدحهم الله في القرآن "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" الأحزاب.
وفي أول هذا الشهر نستهل هذه الرحلة الإيمانية مع واحد رغم ان الكثير من أهل الفكر والكتاب تناولوا مسيرته كما كان لنا لقاء مع الصحابي في هذا المكان في الأعوام الماضية انه سعد بن معاذ ابن النعمان بن الخزرج الأوسي زعيم بني قومه أسلم علي يد مصعب بن عمير حين أرسله الرسول - صلي الله عليه وسلم - إلي المدينة ليعلم المسلمين هناك. ومن مآثر هذا الصحابي الجليل انه كان مسموع الكلمة لدي قومه فقد توجه عقب الانصراف من مجلس مصعب بن عمير إلي قومه فطالبهم بكلمات تقطر وداً وفي نفس الوقت تتضمن كلمات قاطعة لكي يدخلوا في الإسلام فاستجابوا جميعا وقد كان سعد بن معاذ من أعظم الناس بركة في الإسلام.
سجل هذا الصحابي حافل بجلائل الأعمال في مقدمتها انه أصيب يوم غزوة الأحزاب حيث قذفه حبان العرقة فقطع عرقا في وسط ذراعه وهو كثير النزف ورغم شدة الاصابة التي لحقت به إلا انه كان قوي الإيمان لا يخشي الموت أو عوادي الزمن وشدائده ولا غرو فهو القائل: "لا بأس بالموت إذا حان الأجل" اتجه إلي الله وكله اصرار قال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فابقني لها فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهد من قوم أذوا رسول الله وكذبوه وأخرجوه وتمني أن ينال الشهادة في سبيل الله. وقد أمر الرسول بمعالجته من الإصابة في خيمة رفيده الاسلمية في المسجد ليكون قريبا حتي يتمكن الرسول - صلي الله عليه وسلم - أن يعوده بين الحين والآخر وبعد أن تماثل قليلا للشفاء استدعاه الرسول ليحكم في شأن بني قريظة حيث كان علي علاقة وثيقة بهم فاصدر حكمه فيهم وهنا قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات.
ومن المصادفات التي مرت بهذا الصحابي ان العرق في وسط ذراعه قد انفجر بصورة جعلت النزيف شديدا لدرجة أن الدماء كانت تسيل علي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وعلي أثر ذلك فاضت روح معاذ لبارئها فبكاه أبوبكر وعمر رضي الله عنهما وهنا نزل جبريل علي الرسول فقال: يا نبي الله من هذا الذي فتحت له أبواب واهتز له عرش الرحمن فخرج رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يجر ثوبه فوجد سعد قد قبض وبعد أن دفنه الرسول وانصرف من جنازته كانت دموعه تنحدر علي لحيته. بكاء الرسول شهادة تقدير لهذا الرجل.
واجه الموت شجاعا فكان جزاؤه الجنة وحينما اعجب الناس بثوب حرير أهدي للرسول وأشادوا بليونته فقال الرسول: اتعجبون بهذا الثوب الحرير لكن مناديل سعد في الجنة أحسن من هذا. رحم الله سعد بن معاذ وليت رجال وشباب العالم الإسلامي يقتدون بهذا الرمز الخالد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف