الجمهورية
محمد عبد الحميد
لا توجد منطقة وسطي
في الدنيا كلها يعيش الناس حالة سياسية تتأرجح عادة بين تأييد ومعارضة. وأحياناً تقف في مساحة الـ "بين بين". وفق الموقف المتغير الذي لا تحكمه أيديولوجيات بقدر ما يوجهه العقل. وتقف خلف دفته وجهات النظر العاقلة.. الاختلاف طبيعي.. والاختلاف سنة الله في خلقه.. والاختلاف السياسي علي وجه التحديد ظاهرة صحية.
غير الصحي أن تمرض المعارضة بالكراهية. وأن تنتابها كل أعراض الخبل السياسي. والعمي السياسي. وتتطور الحالة إلي "السيكوباتية". التي يوصِّفها علم النفس باعتبارها انحرافاً عن السلوك السوي. وانصرافاً إلي التفكير والتصرف بأسلوب مضاد للمجتمع. وخارجاً علي قيمه ومعاييره ومصالحه. كما يُعرِّفها كذلك بأنها اعتلال نفسي. أو اضطراب عقلي يتسم بالنشاط المعادي للمجتمع.
غير الصحي بالمرة أن تحمل ما تسمي نفسها معارضة "أجندات خارجية" تخدمها. وتهدمها. وتهدم فيها كل معاني الوطنية.. وغير الصحي. ومن غير المعقول والمقبول أن تحكمها وتتحكم فيها مصالح ضيقة.. وليس من العقل في شئ أو لا شئ أن يجري التنازل عن العقل ذاته بملء الإرادة. أو ربما التنازل عن الإرادة نفسها لصالح فكر ضال لجماعة تبيع الدين في سوق السياسة. وتلعب دور المعارضة وفي يدها السلاح.
خلاصة الخلاصة. لا توجد في مصر معارضة.. لا اعتبر الأحزاب "الكرتونية" معارضة.. وكل ما سبقها في الكلام عنه خيانة في ثوب معارضة.. المعارضة في كل العالم تقف علي أرض الوطن. وتحب الوطن. وكل حرف في برامجها يعبر عن الوطن.. خط المعارضة بالشكل المفهوم مهموم بقضايا الوطن.. أما ما نراه عندنا فهو إما مراهقة سياسية اسمها أحزاب.. أو عداء مستتر للوطن يكتبون ويكذبون تحت عنوانه العريض: "الحريات وحقوق الإنسان".. أو هو "دين سياسي" يمارس الإرهاب علي الأرض. والتضليل في الفضاء الالكتروني والإعلامي.
ثم أي معارضة هذه. وفي وجه مّن. وضد أي سياسة.. أي معارضة تلك يمكن أن تقف بمسوغات مقنعة أمام رئيس يتحرك في كل الاتجاهات. ويحارب علي كل الجبهات. ولا يعرف النوم والراحة.. يسابق الزمن في مشروعات قومية عملاقة في شتي المجالات.. ويقود خطة إصلاح جريئة أشبه بجراحة دقيقة لاقتصاد كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة.. ويمهد كل الطرق أمام الاستثمار الذي يخدم التنمية. ويتسق مع خططها. ولا يقف أثره عند التشغيل وتوفير فرص العمل.. مّن تُراه يعارض مقاتلاً شريفاً يخوض حرباً مقدسة مع الإرهاب. ويوفر الأمن والأمان لشعبه ؟!.. ومّن لديه الحجة الكافية في مواجهة زعيم و"رجل قوي". استعاد لمصر علي المستوي الخارجي ثقلها الإقليمي والدولي. بقدر ما أعادها كذلك ومن جديد "قوة عسكرية" يُحسب لها ألف حساب ؟!
نحن الآن. وباختصار شديد في مرحلة حاسمة لا تعرف إلا "مع أو ضد".. مع مصر. ومستقبلها. وحلم شعبها الصابر.. أو ضد نهوضها من كبوة طالت مدتها. وطالت تاريخها وقدرها وقدرتها.. لا توجد منطقة وسطي بين "مع وضد".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف