جمال زهران
سيناء 2018.. التوقيت والتحديات
يؤدى الآن الجيش الوطنى المصرى الباسل مهمة استراتيجية فى سيناء، تستهدف اقتلاع جذور الإرهاب بالحصار والهجوم الشامل عليه دون أى تنازلات أو تفاوضات أو مواءمات، على الإطلاق الأمر الذى يجعل قضية الالتفاف الشعبى والوطنى حتمية. ويستحيل مع أداء هذه المهمة الاستراتيجية لجيش مصر الباسل إعطاء ظهورنا لها وعدم الاهتمام بما يقوم به. فمع القرار العسكرى بتحرير الأرض وتطهيرها من إرهابيين أو قوى إرهابية مدعومة خارجيًا تستهدف زعزعة الاستقرار وإثارة الرعب والفزع عند الشعب وإعاقة المشروعات التنموية التى تتم أيًا كان الرأى فيها لا يجوز بأى حال إثارة أى شكوك. فالمهمة مقدسة عندما تكون «عسكرية» وذات أهداف واضحة، على عكس المهام المدنية التى يمكن الجدل والاختلاف حولها، وهو أمر طبيعى
لذلك من خلال متابعتى للمهمة الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية، تحت مسمى (سيناء 2018)، والتى توشك أن تتم الأسبوعين منذ بدايتها فى الأسبوع الأول من فبراير 2018م، وهناك بعض التساؤلات ــ ولا أقول الشكوك ــ حول التوقيت ولماذا الآن؟ وما هى الأهداف؟ ومتى تنتهى هذه المهمة؟ والقدرات المتوافرة وهل هى كافية لتحقيق المهمة؟ وتمويل هذه المهمة؟.......إلخ
وأكاد أجزم بأن هناك تساؤلات لو أعلنت فقط، فهى تقع تحت طائلة القانون، لأنها تفت فى عضد الجيش وتنال من روحه المعنوية، باعتبار أنه فى حالة حرب. ولكن من الضرورى تناول ذلك وشرحه للرأى العام، منعًا للغط والمزيد من إثارة الشكوك والزوابع حرصًا على دعم التماسك الوطني، وهو موجود حقيقة وواقعًا.
فالتوقيت، أى ميقات وموعد بدء العملية العسكرية، هو قرار استراتيجى تقدره القيادات العسكرية العليا فى القوات المسلحة، ويخضع لحسابات معقدة للغاية ومبنية على معلومات عالية الدقة، وليست مجرد معلومات. كما أن تحديد الموعد يتسم بالسرية والمفاجأة وهنا فلنتذكر قرار الحرب فى 6 أكتوبر 1973م، فهو قرار جاء فى إطار أهم خطة خداع استراتيجى فى العالم (الثانية وخمس دقائق ظهر يوم السبت 6 أكتوبر 1973م)، وما عرفناه هو الموعد، أما كيف تم صناعة هذا القرار وتلك النظرية فهى فى محل دراسات وبحوث عسكرية واستراتيجية وسياسية.
ومن ثم فإن قرار القيادة العسكرية بتحديد الموعد، هو قرار تمت صناعته على أعلى مستوي، بعد اكتمال منظومة المعلومات والبنية العسكرية الجاهزية، والبيئة السياسية إقليميًا ودوليًا، دعمًا لهذه العملية، بل وبعد دحر الإرهاب الداعشى فى العراق وفى سوريا، فإن المتبقى هو مصر. وحين آن الموعد المناسب، أعلن رسميًا بدء هذه المهمة الاستراتيجية، بمهام محددة واضحة، وهو اقتلاع جذور الإرهاب من سيناء وعلى جميع مساحاتها وفقًا للحدود الدولية وبلا استثناء لأى سنتيمتر واحد من أراضى الدولة المصرية فى سيناء. ولذلك فإن محاولات الربط بين ما يجرى من انتخابات رئاسية باتت محسومة النتائج، وبين الموعد، هو ربط يتسم بالسطحية، لأن الأهم هو مصداقية القيادة العسكرية التى تلقت أمرًا تمت دراسته تمامًا قبل إعلانه، بحتمية اقتلاع الإرهاب وإنهائه فى سيناء بعد جريمة مسجد (الروضة بمنطقة بير العبد) الذى راح ضحيته أكثر من (500) شهيد وجريح، وذلك خلال ثلاثة أشهر.
ومن ثم فالموعد أعلن ضمنيًا، ولا يجوز على المستوى العسكرى بأى حال من الأحوال أن يتم الإفصاح عن موعد لا يتم تنفيذه، وأعتبر ذلك من الأقوال التى لا تصاحبها أفعال وهو ما لم يحدث فى الممارسات العسكرية لجيشنا الوطنى الباسل. وربما لم يصدق البعض أن هذا الموعد قد تحدد بصفة نهائية، ولم يكن قد تبقى سوى بعض الإجراءات والترتيبات التنفيذية ولو ربطنا الموعد، بالمشروع التنموى لإقليم قناة السويس، بمجموعة الأنفاق والكبارى التى تربط سيناء بالوادى التى أوشكت على الانتهاء الكامل، لأدركنا أن التحديات الكبرى فى تنمية سيناء وإقليم القناة كله، تشكل الخطوة الاستراتيجية المقبلة التى بدأت مراحلها، ولذلك فإن ماعدا ذلك هو لغط وشكوك لا تستحق الرد، وتصدر عن أشخاص منزوعى الوطنية، بل إن الواجب الوطنى يفرض على الجميع مؤازرة جيشنا الوطنى فى مهمته الاستراتيجية سيناء 2018م، بكل ما نملكه.