أخشى أن تكون كلمة «الوطنية» قد أصبحت كلمة سيئة السمعة، خاصة بعد تلك التصرفات التى تصدر عن بعض الشخصيات التى تدعى الوطنية وهم فى حقيقة الأمر غارقون فى بئر الخيانة .. هذا الموضوع يذكرنى بقصة المرأة الفرنسية التى كان يجلس بجوارها رجل انجليزى تبدو على وجهه علامات الطيبة فى قطار كان متجها من باريس الى لندن وما إن ظهر التوتر والقلق على وجه المرأة حتى سألها عن السبب فقالت إنها تحمل 10 آلاف دولار وهو مبلغ غير مسموح الخروج به من فرنسا فقال لها: اقسميها بيننا فإذا قبضت عليك الشرطة أو قبضت عليّ نجوت بالنصف واكتبي لي عنوانك لأعيدها لك عند وصولنا إلى لندن فاقتنعت وأعطته نصف المبلغ وعنوانها !
ولكن عند التفتيش كانت الفرنسية تقف أمام الإنجليزي ومرت دون أى مشكلات وهنا صاح الإنجليزي قائلاً لضابط الشرطة إنها تحمل عشرة آلاف دولار نصفها عندى والنصف الآخر معها؛ وانا لا أحب خيانة الوطن ، فقد تعاونت معها لأحبط جريمة تهريب مكتملة الأركان!
وفعلاً أعادوا تفتيشها مرة أخرى ووجدوا المبلغ وصادروه واتهموها بخيانة فرنسا وفرح الضابط وتحدث عن الوطنية وعن ضرر التهريب على الاقتصاد الوطني، وشكروا الرجل على أمانته .. وبعد يومين، فوجئت المرأة الفرنسية بالرجل نفسه أمام باب بيتها فاستقبلته بغضب وعنفته بشدة ولكنه مد يده وسلمها مظروفا به مبلغ 15 الف دولار وقال لها هذه أموالك مع المكافأة فاستغربت من أمره ولكنه فاجأها مرة ثانية حينما قال لها أردت أن أشغلهم عن حقيبتي التي كان بها ثلاثة ملايين دولار.
انتهت الحكاية دون أن اعرف إن كانت السيدة قد أخذت المبلغ والمكافأة أم رفضت أن تمد يدها إلى المال الحرام ، ولكن الذى عرفته عز المعرفة أنه أحيانا قد يكون الذي يدعي الوطنية والشرف هو اللص الحقيقي ولكن بصور وأشكال مختلفة .. فما أكثر أشباه هذا الإنجليزي بيننا الآن .