محمود مراد
البعد المعرفى .. و المستقبل العربى
من المؤكد ان اللقاءات التى جرت خلال الأسبوع الذى ينتهى اليوم ، بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والأمير محمد بن سلمان ولى عهد المملكة العربية السعودية ، قد أثمرت نتائج مهمة - بعضها أذيع وبعضها ستعبر عنه متتابعات الأحدات المقبلة ، والتى ستؤثر قطعا فى مستقبل العمل العربى المشترك . ومن المؤكد أيضا ان مفردات الزيادة التى قام بها ولى العهد قد بعثت تلقائيا بعدد من الرسائل أولاها : القصد بأن تكون القاهرة هى أول من يزورها بعد تقلده منصبه ومسئولياته ، وكانت الزيارة لفترة معقولة خاصة انها تسبق مباشرة زيارته الأوروبية الأمريكية : وهذا يعنى أهمية وضرورة التنسيق بين البلدين فى القضايا المختلفة ... مصداقا لمقولة انهما معا يشكلان قاعدة الأمة .
وربما لاحظ القارئ أننى استخدمت كلمة : « لقاءات» وليس وصف «محادثات» فيما جرى بين الرئيس وولى العهد ، لأن هذا - فيما أرى - هو الوصف المناسب لتلاقى أبناء العائلة الواحدة ... وتلك حقيقة ينبض بها التاريخ بوقائعه . ولعلنا هنا نتذكر وصية العاهل المؤسس عبد العزيز آل سعود ، لأبنائه بالحفاظ على العلاقة الأخوية مع مصر والتواصل معها .. ولذلك لم يكن غريبا ان يجئ محمد بن سلمان إلى مصر ولم يكن غريبا ان يعبر خلال زيارته اكثر من مرة عن الاعتزاز بمصر وما تمثله . وهذا يترجم الرؤية السعودية وقيادتها ... واذا كانت المانشتات والعناوين البارزة فى وسائل الإعلان المختلفة - فى الأمة وخارجها - قد أعلنت النتائج بما فيها من استثمارات ومشروعات مشتركة - وهى مهمة - فإننى أريد التركيز على البعد المعرفى .. و « المعرفة» فى تفسيرى تشمل الثقافة بدروبها والفنون بصورها والاعلام بوسائله ووسائطه والمعلومات والخبرات وغيرها . وهى شديدة الأهمية ، ويمكن التلاعب بها لبث الضرر بدل المنفعة .. وتقويض القيم وتهميشها .. وزرع أفكار وعادات بمسميات العولمه والتجديد ... ومن هنا - وادرا كا للتطور المجتمعى فى المملكة العربية السعودية فان خير وسيلة للدفاع عن الأصالة وتقديم المعاصرة هى الدخول إلى الحلبة باستخدام أدواتها لتحقيق أهدافنا ... ومباشرة أطالب بتأسيس شركة كبرى للفنون الصوتية والمرئية تتسع أهدافها وأغراضها مثل إنشاء وادارة الاستديوهات ودور العرض والفضائيات ... ومايتصل من مراكز أبحاث ونشر وخلافه . مما يمهد لمجالات ولمواجهة التحديات بأشكالها ..
وفيما أعتقد فان هذه الشركة - وان كانت فعلا - استثمارا اقتصاديا فانها ستحقق ربحا ، لكنها أيضا - وفق رؤية عربية - ستسهم بقدر كبير فى التشكيل العقلى والوجدانى للجماهير . والخشية كل الخشية ترك الساحة للذين يريدون الربح حتى ولو كان على حساب القيم . وفى ظنى فان السعودية ستشهد خلال شهور معدودة بناء مئات من دور العرض فى شتى مدنها - بعد قرار الترخيص بها - ومن ثم فان سرعة إنشاء ما أقترحه - والتفاصيل عديدة - يعد عملا سياسيا عروبيا بالدرجة الأولى يصون الرؤية العربية الاستراتيجية . ولابد لى من إضافة مهمة وسريعة وهى أننى لا أقترح هذه الشركة لتعمل فى السعودية فقط وانما يكون مجالها كل الأمة من المحيط إلى الخليج ، وبمساهمات مالية وغير مالية من اكثر من دولة .. ولذلك فان المنتج يكون اكثر ثراء وفرصة لتسويقه وتحقيق عائده لمالى ... فى أقصر وقت . وأرجو ألا يستهين الذين يتعاطون السياسة بأهمية الفيلم السينمائى والمسرحية والعمل التليفزيون والأغنية والموسيقى .. وما يصاحب هذا ويتصل به . وأقول مكرارا ان البناء القيمى والأخلاقى هو بناء معرفى ... وهو لا يقل أهمية عن غيره من مجالات العمل الوطنى ... فى اطار منظومة الأمن القومى العربى .