محمود سلطان
الدين لله.. وليس للدعاية الانتخابية!
بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق د. محمد مرسى، شعر الإسلاميون بفقدان "الحلم"، ليس فقط "السياسى ـ الدولة الإسلامية"، ولكن أيضًا لخروج الرئيس "المتدين" من السلطة.
أدبيات النشطاء الإسلاميين كانت تتحدث عن أول رئيس مصرى، يرفع من قصره الرئاسى الأذان فى الصلوات الخمس، ويؤم موظفى الاتحادية فى الصلاة، ويصلى الفجر كل ليلة، فى مسجد بسيط بجوار بيته فى التجمع.
العواطف الدينية، كانت تسيطر تقريبًا على الهيئة التى ظهر عليها الرئيس الأسبق، وغاب عن الوعى الإخواني، الفارق بين"الرئيس" و"الداعية".. أو "الرئيس" وإمام المسجد.. أو الفارق بين "الرئيس" و"مقيم الشعائر فى مساجد وزارة الأوقاف.
لم يتحدث الإخوان أو الإسلاميون، عن "مرسى ـ المتدين" من قبيل الدعاية له، فالدعاية قد انتهت بوصوله إلى السلطة، واعتبروا سلوكه الدينى "طبيعيًا" ومستوحى من خبرة "خلفاء ـ سلاطين" الدولة الإسلامية فى صيغتها الإمبراطورية "الخلافة": يؤم الخليفة المسلمين فى الصلوات الخمس.
ولكنها تطورت فى الوعى الإسلامى المؤيد لمرسى، إلى "إضافة"ميزته عمن سبقوه، وتعاظمت فى الضمير العام، إلى درجة الاعتقاد بأن الإطاحة به، كانت مؤامرة عالمية على الإسلام أو على "المشروع الإسلامى".. ولكنها فى المحصلة النهائية، أحيلت إلى نوع من التوظيف الدينى لافتعال أفضلية لقائد مدنى فى مسألة سياسية.. وهى من بين جملة من الأسباب التى وحدت المعارضة المدنية ضده، وكانت الذرائع جاهزة وقدمها الإخوان لهم مجانيًا: مرسى يحول البلد إلى "دولة دينية"!!.
والآن.. لم يتعلم مؤيدو الرئيس السيسى من خطأ سلفه "مرسى"، حين تسامح حملته الانتخابية مع الخطاب الإعلامى المؤيد له، والذى دأب مؤخرًا على تقديم "سيرة دينية للرئيس".. بعضها بالغ إلى حد التطرف، حين زعم بأنه "ولد ساجدًا".. وانتهاءً بالأستاذ عماد أديب، حين تحرى طفولة السيسي، وكيف كان يلقب بـ"الشيخ عبد الفتاح" لتردده على الكتاتيب لحفظ القرآن الكريم.
وهذا لن يكون بعيدًا، عن السؤال الذى طرح بشأن "مرسى ـ المتدين"، وما إذا كنا نريد "رئيسًا سياسيًا" أو "مقيم شعائر" فى مسجد.. فالدعاية "الدينية" للرئيس السيسى، تنقلنا إلى ذات المشهد وإلى ذات الأسئلة، هل نريد رئيسًا سياسيًا أم "شيخًا" ليؤم الناس فى المساجد؟، ناهيك عن القاسم المشترك فى التجربتين: توظيف الدين لاستدرار أصوات الناخبين والمؤيدين، بدلاً من تقديم رؤى ومشاريع سياسية مدنية.
الكل يشكو من نتائج حضور الدين فى قلب السياسة.. بل إن ظاهرة التطرف والإرهاب ذاتها، صادرة عن قراءة متطرفة للنص الدينى للخدمة على مشاريع وأحلام سياسية، تعتقد أن "السلاح" هو وحده الذى يقرر الشرعية.
الدين لله.. وليس للدعاية للكراسى أو للسلطة.