الوطن
د. أحمد عبد الظاهر
حكومة المستقبل التعليم الذكى
«ما يون» (Ma Yun) رجل أعمال صينى معروف مهنياً باسم «جاك ما» (Jack Ma)، وهو المؤسس والمدير التنفيذى لمنصة «على بابا» للتجارة الإلكترونية (Alibaba Group). وفى كلمته بمؤتمر دافوس الاقتصادى عام 2017م، أكد «جاك ما» أن «التعليم يمثل تحدياً كبيراً، علينا تغيير طريقة تعليمنا الحالية والعمل على تعليم أشياء لا تستطيع «الآلة» فعلها لكى يجد أطفالنا ما يمكنهم فعله بعد ثلاثين عاماً. وكما أقنعتك «الطائرة» بالعدول عن محاولة الطيران لوحدك و«السيارة» عن التنقل برجليك، عليك أن تقتنع بأن «الكمبيوتر» أذكى منك ويتذكر ويعمل أفضل منك، الشىء الوحيد الذى لا يملكه هو الحكمة، ولكن قد يأتى يوم ويتحصّل عليها.

وفى تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى، الصادر فى شهر يناير الماضى، ثمة إطلالة على صورة بيئة العمل فى السنوات المقبلة، حيث يخلص التقرير إلى أن ما يقرب من مليون شخص أمريكى سوف يفقدون وظائفهم كلياً بحلول عام 2026م، وسيتعين عليهم أن يكتسبوا مهارات جديدة لتلبية مطالب السوق، ويتطلب هذا بلا شك قدرة على التكيف فى سوق العمل تفوق التصورات الحالية، كما قد يتطلب ما لا ندركه حالياً. وهذا أيضاً يفرض على الأفراد وفرق العمل والشركات أن تتغير باستمرار، أى إنها يجب أن تتحول إلى مؤسسات دائمة التعلم، كى تضمن المستوى المطلوب من القدرة التنافسية. ومن هنا، فإن الجامعات والكليات تتحمل العبء الأكبر فى مسيرة إعداد الطلاب لمهن المستقبل والرقىّ بالمهنيين الذين يشكلون جزءاً كبيراً من طلاب الغد.

وفى مقالة له بعنوان «استبدال الوظائف وترهل التعليم»، يؤكد «ستيفن سبينللى»، مستشار فى جامعة توماس جفرسون بلومبيرج، أن تكنولوجيا هذه الأيام تنسف تقريباً كل طريقة تقليدية فى أداء المهام الوظيفية، بغضّ النظر عن القطاع الذى نتحدث عنه. والأهم من ذلك أن البيئة ومتطلبات التعلم تبشر بمستقبل عمل يختلف اختلافاً جوهرياً عن الحاضر. لقد ولى عهد انتظام الطلاب فى الكلية لمدة أربع سنوات، وربما الحصول على شهادة الدراسات العليا والعمل فى مهنة واحدة طوال حياتهم. يجب أن يكون الطلاب اليوم على استعداد لتغيير وظائفهم بعد كل ثلاثة أو ربما خمسة أعوام، وتطوير وظائف خاصة بهم ورعاية حياتهم المهنية الخاصة. ومن ثم، يثور التساؤل عما إذا كان نظام التعليم الحالى مستعداً لمواجهة هذه التحديات. يجيب «ستيفن سبينللى» عن هذا السؤال بالنفى، مؤكداً أن الشهادات التى تمنحها الجامعات لا تزال تشكل مستنداً يوثق الكم المعرفى النظرى المطلوب لاجتياز الاختبارات التقليدية، أكثر مما يعكس الخبرات العملية. إن النظام التعليمى ينبغى أن يركز بشكل مباشر على تطوير المهارات التى يحتاج إليها الطلاب فى سوق العمل سريع التطور. ويجب علينا أن نرفض الانقسام الزائف بين النظرية والتطبيق. ويغدو من الضرورى أن يصبح التعليم مرناً من خلال الشراكات مع المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والقطاع الخاص. والله من وراء القصد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف