الجمهورية
منى نشأت
بيت.. نور
هل جربت الاستجمام.. أكيد وأنا مثلك لكن وصلت لدرجة من الانسجام. الاتفاق مع الطبيعة علي اندماج.. سعادتي بالسحاب ترفعني إليه.. فأشم رائحة سماء وتحيط بي سحابة فأنا علي أجمل بقعة من أرض رحلتي التي بدأت من أغادير إلي مراكش ثم مكناس وفاس.. وبصحبة أسرة رائعة كانت الساحرة أرض افرين التي يقولون عنها قطعة من سويسرا ولأني رأيت الأخيرة فعندي افرين العربية هي الأجمل.. بفارق العيون السود والقلوب التي تشبه قلوبنا البيضاء ولو كان لي أن أتخيل مكانا في الجنة لما وصل خيالي لأبعد مما أنا فيه علي مرمي البصر مساحات خضراء.. يذهلك ان للأخضر أكثر من مائة درجة تصله لقرب الاحمرار أو تضعفه للأصفر. انها يد الله وقدرته أن يحيل اللون لعشرات الألوان ويد الإنسان الذي يعتني بثمرات وغابات.. وطبيعة متي كتب لها الوجود من فوق والرعاء من تحت. فأينعت.. أشجار تتعانق وتفترق لتحيل إلي ليل يعقبه نهار في لحظات.. تتجمع فوق رأسك أو تفتح لك الطريق.
وعلي اليمين واليسار قرود تقفز أو تلتقط من يديك علبة عصير بغير استئذان وأنت لا تنطق حرامي.. بل تبتسم وتقول.. يا قرد وبحيرة تروق لك مياهها "الرايقة" التي تتسع لأنواع من بجع وطيور بيضاء تخرج للسطح لتريك نفسها وتغطس في الماء وهي في الحالتين منتشية راضية وستصلك عدوي رضاها فترضا وتسمو وتلقي بهمومك في البحيرة الصافية فلا يظهر لها أثر. إلا انها تلك المساحة الهائلة من فرط برودة تتجمد وتتحول الجبال معها لأبيض الثلج ويتحول لسانك إلي "سبحان الله".
صديقتي زكية المرموق من أهل مكناس. صحبتني وزوجها إلي تلك الرحلة كيف لا تكتب شعرا لو كنت هناك.. انها شاعرة أحب كلماتها.. وأحب أكثر اسلوب حياتها في عطلة نهاية الأسبوع ترفع يدها من كل الواجبات المنزلية ويأخذها الزوج في نزهة بحيرة.. غابة.. جبل يشربون اللبن من الناقة والشاي علي الفحم والثمرة من شجرتها والاستلقاء علي الرمال.
تحية إلي نور الدين خاروبي الزوج المغربي الذي يخرج بزوجته وما فيها.. آخر الاسبوع وقبل أن تظن انهم عنا مختلفون.. فهم مثلنا يختلفون.. وكل ما نفعل من مشاكل وهموم يفعلون ثم يمسحون الأيام.. بيوم جميل يمنح الفرصة لاستمرار بصدر أرحب وكما عندنا مدن مشهورة بالجمال.. فجميلاتهم محلهن "فاس" وحين تطأ قدماك أرض المغرب فإلي ذاكرتك تقفز كلمة ساحر وان قلت المغربية سحر ستبتسم وتقول بل دلال.
تستطيع في أي مكان أن تشرب الحريرة ويشدني اسمها الحريري ويأخذني إلي مذاق شهي لخضراوات تآلفت وتجاورت وتحابت في طبق واحد فصارت شوربة. أما الطاجين فقد أحببت شكله وصناعته وهو من الفخار الملون المزركش يضعون فيه اللحم والخضر.. وقد استهواني الطاجن الفخاري ذو الغطاء المدبب المهذب فطفت بالسوق الشعبي ابحث عنه حتي اقتنيته وفي المطار أخبرني الضابط المغربي انه ممنوع الصعود به للطائرة.
وكان مرنا لدرجة لم تحتاج لحظات وكلمات قليلة عن الرغبة المصرية في الاحتفاظ برمز مغربي.. ابتسم لها ليصعد الفخار للطائرة.
وصلت مصر وفي البيت اكتشفت انه انكسر أكثر من قطعة.. لملمته مع ذكريات وحب للمغرب لم ينكسر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف