الجمهورية
صالح ابراهيم
إشكالية السعيد!!
رغم الشهرة التي حظي بها لاعبو كرة القدم بالأندية والمنتخب.. وما حققوه من مكانة اجتماعية ومكاسب مادية.. صاحبها ان ترسخ في الضمير العام لفئات عديدة من المواطنين.. أن تمتد بهم الحياة ليروا حصاد تربية الأبناء نجوماً لكرة القدم يشار إليهم بالبنان وتفتح لهم الأبواب.. كل الأبواب.. لم يختفي الاهتمام الشعبي الأصيل بالكرة الشراب ثم نظيرتها المطاطية بتنظيم دورات رمضانية.. يشارك فيها النجوم والهواة ويديرها متخصصون.. هذه واحدة.. والثانية في تصاعد اعداد الشباب الذين يجتمعون معاً لتأجير ملعب لممارسة هواية كرة القدم وتفريغ طاقتهم واشباع هوايتهم.. وعلي الطرف من هذا الاهتمام عرفنا الأكاديميات ومدارس اعداد الناشئين داخل وخارج الحدود.
** كرة القدم الآن وإلي وقت قادم قد يكون طويلاً.. الهواية الأولي التي تجمع المصريين جميعاً رغم انهم قد يشجعون بجوارها لعبات أخري.. جماعية أو فردية.. كل واحد اختار لظروف معينة نادياً بعينيه.. وفانلة ذات لون خاص.. لتشجيعها والتفنن في هذا الإطار بالأهازيج والأغاني والأقوال المأثورة.. انضموا جميعاً تحت راية "الجمهور هو اللاعب رقم 1" مع مرور الزمن اكتسبوا ثقافة الانتقاد والتقييم والتحكيم.. بل وتوجيه مسار السفينة في بحار غير البحار.. تأكد ذلك مع انتهاء مرحلة الهواية.. حيث كان عشق اللعبة واستخراج الموهبة الهاجس المشترك للأندية والمدربين والكشافين.. وكان المجال مفتوحاً تماماً للاعب المصري "أوليمبياً" إلي أن أدخل الكابتن الجوهري باب الاحتراف للاعبين مع المشاركة في كأس العالم بإيطاليا منذ عشرات السنين.. ليتحول اللاعب إلي موظف بالفريق.. يربطه بالنادي عقد عمل محدد السنوات.. يتحدد ميزاته مع التألق وإحراز الأهداف أو المساعدة فيها.. وبالتالي إحراز البطولات.
** وبسبب الاحتراف أصبح ممكناً أن ينتقل اللاعب من الأهلي إلي الزمالك أو العكس.. وامتدت المنافسات والإغراءات إلي لاعبي الأندية الأصغر إمكانيات والأقل جماهير "بعد انتشار أندية الشركات والهيئات".. اختفي عم عبده البقال.. وحكاية شحاتة أبوكف.. وعمليات إخفاء اللاعبين الناشئين ليتقدم وكلاء اللاعبين الصورة ويكون لهم حديث طويل مع لجان التعاقدات بالأندية الكبري.. الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري.. إلخ.. ويتعود اللاعب علي فانلته الجديدة.. والجمهور الذي يسانده أو يتابعه إن صح التعبير.. ومع الوقت امتدت روافد نهر الانتقالات إلي خارج الحدود.. النمسا جاءت الأولي حديثاً باحتراف الكابتن العظيم صالح سليم.. وإن سبقت حكايات عن تجارب لاحتراف المعجزة حسين حجازي في لندن.. أوائل القرن الماضي. الآن يأخذ من لاعبينا الشباب الموهوبين.. يتصدرهم الرائع محمد صلاح في ليفربول الإنجليزي. وأمل مصر في كأس العالم بموسكو.. والقائمة طويلة من جنوب أفريقيا إلي الولايات المتحدة.. مروراً بتركيا واليونان وبلجيكا. وربما أمريكا اللاتينية.
** فرض نظام الاحتراف قواعده.. وأشعل المنافسة علي البطولات والكئوس.. معياراً لتقييم اللاعبين الذين نستطيع اعتبارهم موظفين لدي فرق الأندية.. بعقود محددة المدة.. يستوي في ذلك من يحصل علي الآلاف أو الملايين.. الكل يلعب ويجتهد ويأمل.. وتتابعه العيون الخبيرة.. للمنافسين.. تنتظر قرب انتهاء سريان العقد.. لتعرض عليه ما يمكن وصفه بكنز العمر.. خاصة وأن نسبة 80% من هذه العروض.. تأتي للاعبين في منتهي التألق.. وأوشكوا علي إنهاء مشوارهم بالبساط الأخضر.. بعيداً عن الميركاتو "سوق اللاعبين" الكلاسيكو "لقاءات الأهلي والزمالك" ومنهم لاعبنا الدولي صاحب هذه الإشكالية عبدالله السعيد.
** عبدالله أحسن لاعب مصري في مركزه.. أعطي النادي الأهلي والمنتخب الكثير منذ انضمانه له من الإسماعيلي مدرسة الموهوبين.. يتصادف انتهاء عقده مع زميله أحمد فتحي ــ نهاية الموسم ــ وهما من القائمة الممتازة. مازال لهما مكانة رائعة في أرض الملعب.. رغم قرب الدخول إلي سن الثلاثة والثلاثين.. ليقتربا من العقد الأخير قبل الاعتزال.. إلا لو صادفتهما معجزة الحضري.. السد العالي للمنتخب. فوجئ عبدالله بتعاقد الأهلي مع لاعبين شباب من أندية أخري مثل صلاح محسن "37 مليون جنيه" تلقف السماسرة الفرصة. وجلبوا عروضاً من الإمارات وتركيا.. تفوق المبلغ.. والأهلي يعرض تجديداً في إطار نظام محدد للفئة الأولي مع امتيازات إعلانية وإدارية.. ويوضح أن شراء اللاعب من ناد معين.. يختلف تماماً عن التجديد.. تلهب التصريحات وصفحات التواصل الموقف.. وتتناثر الأخبار التي ينفيها مسئولو الأهلي.. يمسكون العصا بالمنتصف ويتمسكون بالسعيد وفتحي.. ولكن يؤكدون أن النادي لن يقف علي لاعب زبداً. وهذا صحيح.. ما أملكه من حل موضوعي في هذه السطور لو كنت مكان السعيد.. لوافقت الأهلي علي التجديد.. وانتظرت الفرصة الذهبية المؤكدة في موسكو بعد شهور قليلة.. لأن تألق السعيد تحت قيادة محمد صلاح ستجلب له العروض المغرية.. التي لن يقف الأهلي ساعتها في طريقه.. يستفيد من الفرصة. يعود بعدها إلي ناديه.. يؤمن مستقبله بالعرض.. ويدعم ذلك بما يقدمه الأهلي له.. من مكافآت ومباراة اعتزال ووظيفة بالجهاز الإداري.. وبهذا تنتهي إشكالية تصاعدت.. وسحابة صيف.. ربما يعطل استمرارها تواجد عبدالله مع الأهلي أفريقياً أو مهمته مع المنتخب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف