الأخبار
صالح الصالحى
الضجيح الإعلامي
في المشهد الإعلامي الراهن الكل يتحدث ويتحدث، ولا يتبقي شيء في النهاية يعلق بالذاكرة!
الضجيج ملأ قنواتنا الفضائية.. وأصبحنا ننافس بعضا بعضا في الصراخ.. الكل حاضر وبقوة يفتي ويتكلم..
وأصبحنا في مشهد غريب، ملأه الضجيج والغائب الوحيد عن هذا المشهد هو المشاهد نفسه.. الذي سئم هذه البرامج معظمها.. ولا أقول كلها.. برامج من الثامنة مساء تأخذك في حوارات وجدالات.. تغرقك في التفاصيل ولا تقدم لك حلولا.. ومن الممكن أن يتشابه الضيوف.. الكل تحول إلي خبراء في مدينة الإنتاج الإعلامي.. ناهيك عن الافتقار إلي معايير المهنية في العديد من مقدمي البرامج.. والدليل علي ذلك سلسلة الأزمات التي حدثت في العديد من البرامج خلال الفترة الماضية.. فالكل أصبح يحمل لقب إعلامي مهما كان تخصصه الأصلي، طالما ظهر أمام الشاشة.. فتجد من كان في الأصل أحد الضيوف لبعض البرامج ومن كثرة استضافته تحول إلي إعلامي وآخر كان لاعب كرة، وآخر محام وثالث ممثل أو راقصة أو مطرب.. وهكذا أصبحت مهنة الإعلام مهنة من لا مهنة له.. فالمشهد كله يحتاج لضبط وتنظيف..!!
أتصور أن الناس بدأت تعزف عن مشاهدة هذه البرامج إلي حد ما.. لانهم باختصار أصبحوا يبحثون عن الاستقرار والهدوء ولقمة العيش.. وبدأوا في نفس الوقت يعرفون طريقهم بعدما وصلوا من الوعي لما يمكنهم من أن يحكموا علي هذه البرامج بصدق.
وعلي الرغم من كوني عضوا في المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام، وقد يري البعض أن شهادتي مجروحة.. ولكني أتحدث بعين المشاهد والصحفي صاحب المسئولية الوطنية التي تري في نفسها مسئولية أدبية تجاه المواطنين.. فأنا حينما استدعي مسئوليتي التنفيذية فإن الحكم بيني وبين هذه القنوات هي ضوابط وأحكام الدستور والقانون التي يعلمها الجميع.
أنا هنا أتحدث عن هموم الناس ومشكلاتهم التي أري أن معظم القنوات تزايد علي بعضها البعض، فقط من أجل تحقيق أعلي مشاهدة. وطبعا تحقيق أعلي نسبة إعلانات.. فالكل كسبان كسبان.. حتي التليفزيون المصري حينما دخل التطوير الجديد .. دخل بنفس معايير السوق الإعلاني محاولا اللهث وراء المشاهد وجذبه لشاشة ماسبيرو.. ناسيا أنه فقد المشاهد منذ سنوات.. ومحاولاته حقا ممسوخة لم تقدم الجديد الذي يدفع المشاهد للتخلي عن بعض النجوم في الفضائيات الأخري.. وعلي الرغم من ان التليفزيون المصري لديه كنز درامي فإنه لم يستغله لإعادة المشاهد لبرامجه مرة أخري!!.. التليفزيون المصري فرط في هذه المادة الدرامية التي تحقق القنوات الفضائية الأخري ثروات من ورائها..
عودة مرة أخري لطبيعة الإعلام المصري الذي اتخذت كل قناة فرصة للانقضاض علي القناة الأخري.
وطبعا هناك قنوات معادية تتربص وتدعي علمها ببواطن الأمور.. وتقدم في الحقيقة مادة معدة جيدا وتستغل ذلك لتدس السم فيها.. وياليت قنواتنا تتعلم الدرس وتطور من نفسها لمواجهة هذه القنوات المعادية.. التي ينفق عليها بالملايين لتشويه كل إنجازات وتضخيم السلبيات.. لإضعاف الروح المعنوية لدي المواطنين.
ياسادة نحن في مرحلة نقاهة، مرحلة انتقالية في عمر الوطن.. خرجنا من ثورتين وعدونا في الداخل والخارج أيضا.. وما يبث علي قنواتنا الفضائية يراه العالم كله.. فنحن حينما نوجه رسالة للداخل يراها من في الخارج أيضا.
لماذا لا نتحرك من خلال استراتيجية واحدة.. هدفها واحد وهو أن نعبر هذه المرحلة بسلام ونفهم طبيعة احتياجات المواطنين بدلا من الحملات الإعلامية عن ترشيد المياه وأخري عن النزول للانتخابات، حملات ساذجة.. تفترض أن المواطن المصري طفل في المرحلة الابتدائية.
علينا أن نعلم مدي ذكاء المواطن.. سواء كان هذا الذكاء فطريا أو ذكاء مكتسبا من خبراته وتعليمه.
لابد أن تعود الأسرة مرة أخري لتلتف حول شاشات التليفزيون.. لابد أن تتوحد المفاهيم والهموم الوطنية. وحتي يحدث ذلك لابد أن يكف بعض الإعلاميين عن نبرة الاستعلاء التي يتحدثون بها وكأنه وطنهم وحدهم وهم قائمون علي إدارته.. وأن المسئولين أصدقاؤهم، أو يخوفونهم بما في أيديهم من سلاح الانقضاض علي شاشتهم.. يتحدثون وكأن الرئيس السيسي ملك لهم وحدهم وليس كبطل شعبي أحبه الصغير والكبير وطبعوا صورته وعلقوها في منازلهم وأنه لا يحتاج لأحد يدافع عن سياساته وإنجازاته.. أرجوكم لا تفصلوا بينه وبين شعبه الذي أحبه ونزل بالملايين لتفويضه في 3 يوليو وبعدها نزلوا بالملايين لينتخبوه.. أرجو احترام عقلية الشعب المصري الذي يحب وطنه أكثر من ابنه وماله وذهبه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف