الأخبار
عبد القادر شهيب
الوزير وديمقراطية أمريكا!
في مذكراته حكي أحمد كامل مدير المخابرات المصرية في بداية عهد السادات أن لقاء جمعهما في بيت الرئيس بالجيزة يوم ٩ مايو عام ١٩٧١ ليستأذن منه السفر إلي موسكو للقاء مدير المخابرات السوفيتي في غضون أسبوعين.. غير أن السادات الذي قابله بود ملحوظ قال له ( مش حتلحق تسافر).. وبالفعل قبل انقضاء الأسبوعين كان السادات قد أقال أحمد كامل وألقي القبض عليه في أحداث مايو ١٩٧١
أما ثروت عكاشة الذي يعتبره المثقفون أفضل وزير ثقافة في مصر فقد حكي في مذكراته أنه ليلة الثامن من أكتوبر عام ١٩٥٨ استمتع في روما التي كان سفيرا لمصر فيها برفقة زوجته بحدث فني عالمي.. ولكن ما أن عاد إلي منزله حتي فوجئ وهو يستمع لنشرة أخبار الحادية عشرة عبر إذاعة القاهرة بخبر تشكيل حكومة جديدة تضم بين أعضائها اسمه وزيرا للثقافة والإرشاد القومي، بدون إبلاغه بذلك
وهكذا كان المسئولون لدينا يتم تعيينهم وإقالتهم بدون علمهم أو إخبارهم سلفا.. غير أن ما كان يحدث عندنا من قبل في عقود مضت صار يحدث الآن في أمريكا.. حيث تمت إقالة تيلرسون وزير الخارجية بدون علمه أو إخباره سلفا، وهو ما أشار إليه الرئيس الأمريكي ضمن.. بل قبل نحو ثلاثة أشهر مضت نشرت صحيفة نيوآرك تايمز خبرا مفاده أن ترامب ينوي إقالة تيلرسون وتعيين مدير المخابرات المركزية بومبيو وزيرا للخارجية.. غير أن البيت الأبيض سارع إلي نفي ذلك الخبر، كما أكد تيلرسون أنه لا خلافات بينه وبين ترامب.. لكن ها هو ترامب يقيل وزير خارجيته ويقول إن السبب هو تراكم الخلافات بينهما في أمور عديدة أفصح عن واحد منها وهو الاتفاق النووي الإيراني.. لم يتحمل ترامب وهو وحده كما قال من قبل الذي يجب أن يرسم السياسة الخارجية الأمريكية أن ينازعه وزير خارجيته ذلك ويخالفه في العديد من القضايا، خاصة وأن هذا الخلاف كان معلنا وليس مستترا، ولذلك أقال ترامب تيلرسون، وعندما انتقد ذلك وكيل الخارجية الأمريكية ضمنا أقاله هو الآخر!
ومع ذلك لم تقم الدنيا ولم تقعد في أمريكا، ولم يخرج من ينعي الديمقراطية الأمريكية ويري أنها بقرار ترامب صارت مهددة، حتي بعد أن اختار ترامب لوزارة الخارجية رجلا توافق معه في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وقبلها بإقالة تيلرسون بشكل مفاجئ وبدون إبلاغه مسبقا وهو في جولة خارجية لأفريقيا لاحتواء غضب الأفارقة علي تصريحات لترامب كانت معينة لهم.. فالديمقراطية الأمريكية لا تعرف تيلرسون، حتي وإن كان هناك من يتربصون بترامب داخل أمريكا ولا يستسيغونه حتي الآن رئيساً لأمريكا.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف