عبد المجيد الشوادفى
جنون العظماء والنكبة الثانية
السلوك الطبيعى للإنسان بما يحققه لمصلحته الشخصية والذين يتحمل مسئوليتهم يعد «إعمالآ للعقل». أما غيره مما يؤدى لنتائج تلحق الضرر بمرتكبه والآخرين فإنه يمنح صاحبه صفة «التهور أو الجنون» والنوع الأول من ذلك السلوك يطلق عليه «عقل البسطاء» والآخر «جنون العظماء» وهذا التوصيف يتطابق مع ما دار من وقائع فى الأمم المتحده مؤخرا، وتضاربت فيها رؤى ومطالب رؤساء وممثلى 193 دولة حول الأزمات وقضايا العالم وأحداثه. ولقد اتضحت فى خطابات بعضهم الاحتكام للعقل والمنطق والواقع والقانون. وانحاز آخرون لعوامل استخدام القوة والنفوذ والتهديد بالسحق والمحق. وكان من أبرز المعالم ماكشف عنه الرئيس السيسى من التمسك بمشروع الدولة الوطنية الحديثه باعتباره المخرج الوحيد لأزمات الشرق الأوسط ..وعدم مصداقية النظام العالمى فى محاربة الإرهاب بينما يشجع الداعمين لأعماله..والتصدى لمحاولات العبث بوحدة وسلامة ليبيا ورفض استغلال المحنة التى تعيشها سوريا لاقامة مناطق نفوذ دولية وإقليمية ولقيت تلك الدعوات قبولا وارتياحا عاما من المجتمع الدولى.
وعلى الجانب الآخر وفى أعقاب ما دعا إليه الرئيس من فوق منصة الأمم المتحده جاء خطاب الرئيس الامريكى مثيرا للقلق والانتقاد لما تضمنه من الحديث عن عقيدة «أمريكا أولا» ودول محور الشر والمارقة والتهديد بتدمير «كوريا الشمالية» والتحرك عسكريا بشكل «أحادي» ضد ما أسماه نظام «الرجل الصاروخ» بينما يستعد «ترامب» حاليا للاجتماع برئيس تلك الدولة. كما وجه الإهانات لنظام الحكم فى «كوبا وفنزويلا» وطالب بتغيره فى «إيران» وقد أوقع ذلك الصدمة لدى أقرب الحلفاء لأمريكا وبينهم الرئيس الفرنسى «ماكرون» الذى رفض بشدة إجراء أى تدخل عسكرى فى «كوريا الشمالية» وتحذيره من إلغاء الاتفاق النووى مع «إيران» وماوصفه بالممارسة للضغوط وتوقيع العقوبات وليس بالعمل على تقليل حدة التوتر والعمل على حماية المواطنين فى المنطقة. كما حذرت أيضا روسيا والصين مما يسعى إليه «ترامب» من إذكاء نار التوترات والتى ستؤدى لاستعداء الدول بدلا من إشراك الأطراف وحثها على الحوار. وقد طفا على السطح الإعلامى للمرة الأولى إقامة قاعدة عسكرية أمريكية دائمة للدفاع الجوى فى بلدة «ديمونة» بإسرائيل لتشكل وجها آخر لتعميق التعاون المشترك.. واعتراف «ترامب» بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية اليها منتصف مايو المقبل فى ذكرى نكبة فلسطين لتصبح النكبة الثانية ..ويبقى التساؤل هل يخضع العالم لهذا النوع من الجنون؟ .أم يتجه صوب إعمال العقل.. هذا ماستكشف عنه أحداث وتصرفات الأيام المقبلة.