الجمهورية
منى نشأت
قسمتك.. ونصيبك
نقولها عن الزواج.. قسمة ونصيب.. لكن الحقيقة أن التعبير يمتد وينطلق ليشكل حياتنا بأكملها.
في مدينة بعيدة اسمها سانتوس بالبرازيل يعيش الناس الحال المائل.. فالمساكن كلها بها ميل.. بسبب عدم التقيد بشروط البناء منذ نصف قرن.. التهاون في التنفيذ نتج عنه عيوب واضحة.. وحقيقة يعيشها سكان المدينة الساحلية.. أن بيتا واحدا ينهار ستتوالي بعده الانهيارات كلعبة الدومينو.. وتتهاوي مدينة بأكملها.. وهناك معاناة تسبق السقوط.. شرحها واحد من أهل المكان.. ولك أن تتخيل كلماته.. إنه ينام علي سرير مائل.. والمقعد أيضاً ليست له صفة الاعتدال.. وكل الأشياء الدائرية تتدحرج أمامه.. ومحاولة ملء كوب بالماء تشبه لعبة سيرك.. لكنه هو وكل من في "سانتوس" مضطر يكمل.. حياته.
دنيار باردة
وهؤلاء فتحوا عيونهم علي دنيا باردة.. سكان أبرد قرية في العالم ومكانها قلب سيبيريا علي أطراف روسيا واسمها أوبمباكون.
إن حاولت تصور حالهم ستصيبك قشعريرة باردة.. درجة الحرارة من 50 إلي 70 تحت الصفر.. لو القيت بالماء في الهواء يتجمد قبل وصوله للأرض.. وهم هناك يتحركون محاطين بطبقة من الجليد لا تفارقهم.. عددهم لا يكمل الألف إلا أنهم في هذا المكان يكملون حياتهم بعد أن تكيفوا.. واعتادوا.
تحت الأرض
ولو كان قدر مواليد سيبيريا بارداً.. ففي جنوب استراليا وتحديداً في مدينة تسمي "كوبر بيدي" يتحركون أسفل باقي المدن والبشر والأرض.. فالحرارة المستمرة دون تغيير تبدأ من الرقم 45 والعواصف الترابية أمر قائم متكرر حيث يصف واحد منهم دنياه قائلاً.. نعم تركنا كل شيء وحفرنا تحت الأرض وعشنا ــ استطعنا خلق عالم صغير فيه متاجر بها مطالبنا ولدينا أماكن للترفيه ونعرف كيف نسلي أنفسنا.. ثم أننا نملك وسائل اتصال تمكننا من التواصل مع الآخرين والوصول لهم.. وعرفنا نعيش.
حياتنا.. هنا
وحياتنا وظروفنا ليست فقط حرارة وبرودة أو بيت مائل.. إنها ملابسات وعادات.. تبدو أغرب أحياناً من تجمد الماء في الهواء أو التحرك تحت الأرض فنحن في معاناة من نوع آخر الجميع من حولك يري نفسه علي حق والآخر خطأ.. الموظف في أغلب المصالح لا يؤدي ويري أن ما يقدمه لك من تعطيل هو المقابل العادل لمرتبه الهزيل.. وسائق الميكروباص علي الطريق ينطلق دون هوادة يصيب سيارتك أو يصدم سائراً.. ويطلق جملته "مش تفتح عينك" ويتصور أن سرعته تتيح له أجرة رحلة زيادة هي أكل عيش أولاده.. وذلك الذي يظهر لك فجأة عندما تأخذ سيارتك وتهم بالرحيل ليطلب مالا لم يفعل شيئاً مقابلة.. تراه ظلما.. ويجد في حنيهاتك ثمن السيجارة وما فيها.. ويظنه حقه وسائق التوك توك يطلق الأغنيات الهابطة بأعلي صوت ويراها حقه في الاستمتاع فلم يعلمه أحد حقك أنت.. وعلي الشاشة وجوه بغيضة علينا.. حبيبة إلي نفسها تبث السموم وتهدم عقولا ولا يهم ما دامت تتلقي العائد وتراه حقها في الحياة ونصيبك وقسمتك أن تعيش وسط مجتمع أكثر من ثلاثة أرباعه يغط في أمية.. والربع الباقي تقريباً أقصي ما تعلمه كيف يستغل الفرص.. وأنت تكمل وتغني دنيا غريبة ومش مفهومة كل الناس تايهة ومهمومة.. ولما تسأل مين الظالم.. تطلع كل الناس مظلومة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف