سكينة فؤاد
عن شعب عظيم.. و«مجهول» لن يعود!
لن تذهب من عينى وكأنها دُقت فوق الننى مشاهد ما حدث فى مدينتى بورسعيد فى أثناء عدوان 1956 وكيف كان جنون وغضب وحمم مقاومة الشباب وكيف تحولوا إلى مردة تنشق عنهم الأرض ليحرقوا ويرعبوا ويبيدوا القوات البرية والبحرية والجوية المهاجمة لمدينتهم تريد كسر كرامتهم وإعادة الاستيلاء على قناتهم واحتلال بلدهم.. من هنا جاءت ثقتى بإذن الله أن جموع المصريين والملايين من ملح الأرض وحفاظ الحياة فيها سيذهبون إلى صناديق الانتخابات بأعداد تتحدى مخططات إسقاط بلدهم ومخططى وممولى إهدار دماء أبنائهم والأدوات وعملاء الاستعمار الجديد للمنطقة.. يدرك المصريون ما تمثله المشاركة فى الانتخابات من تحد وانتصار واقتراب من تحقيق ما خرجوا من أجله فى 25 يناير و30/6 من عيش آمن وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية تحققها معارك البناء والتنمية والتى لا تقل جدية وخطورة عن الحرب على الإرهاب.. وعلى أرض سيناء يتم الآن أعظم تجليات المعركتين.. تطهرها من الإرهاب والعبور إلى حاضر ومستقبل مختلف تماما يليق بما يستحقه أبناؤها وتاريخ مشاركتهم فى حروب بلدهم وثرواته الطبيعية وموقعه الاستراتيجى والأطماع المحيطة به والعدو الواقف على حدوده يتلمظ طمعا فى التهامه وسائر الأهداف العظيمة التى يحققها خير أجناد الأرض فى عملية سيناء 2018 وأن يطلب الرئيس أن تبدأ على الفور معركة تنمية سيناء باعتبار التنمية هى الاستكمال الحقيقى لسيناء 2018 وإعادة الحياة والأمان والتأمين لأبنائها واستحالة إعادة زراعة الإرهاب فى أرضها وإنهاء الأطماع فى احتلال أرضها.
نُشرت أخبار كثيرة عن بداية معركة تعمير سيناء بـ7 مليارات جنيه وأرقام لصندوق تبرعات المصريين وأن أراضى المشروع تبلغ 400 ألف فدان ويتم طرح 156٫5 ألف فدان العام الحالى بنظام حق الانتفاع وأرجو أن توضع قوانين تجعل العماد الأساسى والمستفيدين الأوائل من أبناء سيناء حتى لا يتكرر ما حدث عندما أنشئت القرى والمشروعات السياحية وما حدث من خطايا استبعاد أهالى سيناء وأن يكونوا جزءا وشريكا أساسيا فى الازدهار الذى يحدث هناك.. أيضا كيف أن معركة التنمية الجديدة لا تلحق بمحاولات ومشروعات سابقة لتعميرها ومليارات أنفقت وانتهت إلى الفشل وترك أبناء سيناء يعانون جرائم الإهمال وتركها تتحول إلى أرض لزراعة الإرهاب والمخدرات وتنامى الأطماع الصهيونية.
> فى مقاله اليومى بجريدة الأهرام 10 مارس 2018 كتب الشاعر والكاتب الكبير فاروق جويدة عن رد بالغ الخطورة تلقاه من رئيس الوزراء الأسبق «كمال الجنزورى» تعقيبا على ما كتبه عن مشروعات تنمية سيناء التى لم تكتمل وتُركت للمصير والمخاطر والتهديدات التى جعلت جيشنا يخوض حربا جديدة لتحريرها وتطهيرها.. والحقيقة أن الاهتمام بتنمية سيناء كان قضية شاغلة ودعوة دائمة لكثير من الأقلام ومنها هذا القلم، وفى رده أعاد د.الجنزورى كشف مأساة أو كارثة ما تعرض له كثير من المشروعات الكبرى والقومية وتكرار نفس المهمة التى تبدأ ولا تكتمل وتتوقف دون إيضاح للأسباب أو تحديد وحساب للمسئولين بل الأخطر أن يأتى رد من رئيس وزراء مصر الأسبق ينسب ما حدث لأشياء خفية رغم خطورة ما ترتب على هذا الإخفاق .
فى رده يقول د.الجنزورى «هناك مشروعات ضخمة لم تنفذ فى سيناء بدأت حين كنت رئيسا للحكومة ويكفى أن نتحدث عن ترعة السلام وتوصيل مياه النيل وهو مشروع توقف وتحولت الترعة إلى تربية الأسماك رغم أن المشروع كان يهدف إلى زراعة 500 ألف فدان وقد امتدت القناة 70 كيلو مترا ثم توقفت، هناك أيضا مشروع السكك الحديدية الذى بدأ تنفيذه وتوقف وتعرضت قضبانه للسرقة».
المشروعات التى يجرى تنفيذها الآن ستغير حسابات كثيرة حول مستقبل سيناء ووجود القوات المسلحة هناك هو الضمان الوحيد لحماية سيناء وبدء مشروعات التنمية فيها وقد تأخرت كثيرا لأسباب مجهولة.
> إذا كان رئيس وزراء مصر الأسبق لا يعرف ما هى الأسباب المجهولة التى منعت تنفيذ مشروع تعمير سيناء بل خربت ودمرت ما بدأ تنفيذه بالفعل وأنفق عليه مليارات ومن وراء ما حدث فى توشكى فمن يعرف؟
> أسأل من أجل أخطر درس يمكن أن نستفيد به من تجارب الماضى المريرة التى كلفت المصريين من أعمارهم واستحقاقاتهم فى بلدهم وفى ثرواتهم وفى أمنهم واطمئنانهم ما يتجاوز القدرة على الوصف والحساب.. وهو كيف نحمى آلاف المشروعات القومية والكبرى والتى تعد وتبشر بمصر جديدة سواء فى تعمير سيناء أو إحياء الصعيد أو المثلث الذهبى أو زراعة الصحراء أو الصوب الزراعية أو المدن والقرى الجديدة أو أكبر مزرعة فى العالم للطاقة النظيفة فى أسوان وغيرها من آلاف المشروعات التى أنجز 11 ألفا منها فى السنوات الأربع الماضية.. أعرف أن الظروف المحيطة تغيرت وأن القيادة تفرض أنظمة دقيقة وصارمة لمتابعة هذه المشروعات تشارك فيها أجهزة الرقابة الإدارية.
> وما حدث فى سيناء بالتحديد يفرض ثورة فى التشريعات والإجراءات واختيار القيادات والمسئولين الذين يجعلون عودة الماضى و«المجهول» لتكرار جرائم ومآسى الأمس والقضاء على هذه الإنجازات وثمارها فى حياة المصريين مستحيلا.