الوطن
وائل لطفى
شعب يعرف «الكفت»!
«شعب مالهوش كتالوج».. كانت هذه هى العبارة الأكثر شيوعاً على وسائل التواصل الاجتماعى أمس، العبارة كانت تعليقاً على الإقبال الكبير للمصريين فى الخارج على الانتخابات الرئاسية أمس، الجميع كان يتوقع إقبالاً أقل، لأن الناس مطمئنة وتعرف نتيجة الانتخابات مسبقاً، بمعنى أن الجميع يعرف أن الرئيس سيستمر فى أداء مهمته، الرئيس نفسه كان يتوقع أن تكون شعبيته تأثرت نتيجة إجراءات الإصلاح الاقتصادى، وكان لسان حاله يقول إنه يدفع هذا الثمن راضياً، فى سبيل الإصلاح.. كان ما حدث مفاجأة، وبرر الكثيرون مفاجأة الإقبال بأن الشعب المصرى (مالهوش كتالوج)أو أنه شعب غير متوقع، صعب التنبؤ بما سيفعله..

أخالف هذا التفسير الذى ينطوى على وصف الشعب بالغرابة بعض الشىء وأقول إن هذا شعب (يعرف الكُفت)، والكُفت بضم الكاف هى النقوش والمنمنمات الإسلامية الصغيرة التى تجدها فى قلب الصوانى النحاسية التى كان يصنعها صناع مصر المهرة على زمن المماليك، والتعبير المصرى الشائع يقول (فلان يعرف الكفت)أى أن فلاناً هذا ملم بأدق التفاصيل الصغيرة، حتى لو بدت تلك التفاصيل تائهة فى المشهد الكبير، وحتى لو بدا لك فلاناً نفسه غير ملمّ بالتفاصيل أو تخيّلت أنت ذلك.

الشعب المصرى أيضاً يعرف (الكفت) فى السياسة، ويبدو فاهماً، وواعياً وحصيفاً أكثر من أى شخص أو مجموعة تطوّعوا للحديث عنه، أو باسمه دون سند من الواقع..

الشعب المصرى بفطرته يعرف الحقائق كلها، ويعرف مميزات المسئول وعيوبه جيداً ويفاضل بينهما، ويختار ما فيه مصلحة هذا البلد واستمراره واستقراره، لا توجد لحظة فى التاريخ شعر فيها المصريون بأن بلدهم مهدّد إلا وتوحّدوا خلف جيشهم منذ طرد أحمس الهكسوس، وحتى تصدّى جيش مصر لزحف التتار فى عين جالوت، ولم تكن مفاجأة أن مصر كانت البلد الوحيد الذى لم تظهر فيه فرقة من أهل البلد تطالب بالاستسلام للتتار أو التفاهم معهم، فى ظنى أيضاً أن الإقبال على الانتخابات الرئاسية سيكون بمثابة تفويض شعبى رابع من المصريين للرئيس السيسى، فقد فوضوه فى السادس والعشرين من يوليو لمقاومة الإرهاب، ولبّوا نداءه بالاكتتاب لتمويل قناه السويس، وحوّلوا انتخابات الرئاسة فى ٢٠١٤ إلى كرنفال شعبى أكدوا فيه اختيارهم له، وستكون الانتخابات المقبلة بمثابة التفويض الرابع، ولا يعنى هذا أنه ليس هناك ثمة ملفات يجب أن يفتحها الرئيس بجرأة فى فترة رئاسته المقبلة، وفى ظنى أن هذا ما يجب أن يشغل سياسيينا، وما يجب أن يتم طرحه على أرضية الإصلاح، وليس على أى أرضية أخرى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف