حسين حمزة
بكل صراحة ضابط برتبة إنسان
قد يعتقد البعض أن وظيفة ضابط الشرطة تصب في تنفيذ القانون وتحقيق الأمن فقط.. لكن في الحقيقة مجال وظيفته يتسع لأبعد من ذلك بكثير.. ويحلق غالباً في فضاء روح القانون.. الملاذ الحقيقي لكل مذنب خلف القضبان.
هذا الإسبوع أقدم لكم قصة انسانية رائعة دارت أحداثها الدرامية داخل اروقة مركز شرطة مغاغة - بالمنيا - مأمور المركز العميد أحمد نشأت ليس من هواة الجلوس علي كرسي مكتبه ويتابع العمل من خلال إصدار الأوامر بواسطة اللاسلكي.. لكنه يعشق المرور علي كل كبيرة وصغيرة بنفسه.. اثناء تفقده لسجن وحجز المركز ومراجعة اسماء المحبوسين.. توقف أمام سيدة تقترب من السابعة والسبعين من العمر.. الدموع تغطي وجنتيها.. واهنة مرهقة .. حزينة .. كسيرة الخاطر.. اقترب منها وسألها عن سبب وجودها بالسجن.. قالت الست سعاد: أنا هنا من شهرين محكوم علي بالسجن ١٦ سنة في قضايا شيكات لاني مدينة بمبلغ ستين ألف جنيه قيمة اقساط متأخرة قيمة تجهيز بناتي وزواجهن.. كنت فاكرة اني هقدر أسدد لكن هعمل أيه يا أبني العين بصيرة والايد قصيرة تسلل الحزن إلي قلب الضابط فسألها: انت عايزة أي حاجة ممكن اقدمها لك؟..
امسكت بيديه ودموعها تتدافع كالشلال من عينيها انا خايفة اموت هنا.. نفسي أموت علي فرشتي هو طلبي من ربنا مش عايزة حاجة من الدنيا غير كده! ربت الضابط علي كتفيها: إن شاء الله يا حاجة!.. خلال دقائق كان يطلع علي أوراق قضاياها.. استدعي التجار اصحاب المال.. أجري معهم حواراً انسانياً انتهي بتنازلهم بكامل ارادتهم عن نصف الدين.. في نفس اللحظات تدافع عدد من الضباط والأفراد إلي المأمور ليبلغوه رغبتهم في المساهمة في باقي المبلغ ودفع هو الجزء الاكبر ومعه عدد من أهل الخير.. الحمد لله تم جمع الثلاثين الف جنيه وأشرف علي إتمام الاجراءات القانونية بنفسه حتي صدر قرار النيابة بالافراج عن الحاجة سعاد بعد ايام قليلة.. اوصلها بنفسه حتي باب المركز وسط دعواتها ودموعها .. في نفس الوقت تلقي التهاني بالرتبة الجديدة التي حصل عليها. إنسان!