الأخبار
أمال عثمان
أوراق شخصية لماذا المخرجة ساندرا نشأت؟

جمعت المخرجة الموهوبة لقاءات لاهثة نابضة بالحياة مع المواطنين في ربوع مصر، انتزعت تساؤلات وأفكارا وقضايا تشغل أذهانهم وتؤرق حياتهم اليومية، دونت بالكاميرا هموم ومشاكل وأوجاع الناس في الشارع، ورصدت أحلاما وطموحات ينتظرونها من الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال فترة رئاسته القادمة.
وبنفس البساطة والتلقائية التي اصطادت بها مشاعر مكبوتة في الصدور، واقتنصت أحلاما مغروسة في القلوب، كان لقاؤها مع الرئيس الذي سلمته حصاد رحلتها، ووضعت بين يديه مادة فيلمية مصنوعة بحرفية وجراءة بلا رتوش أومكياج، ليصل إليه صوت البسطاء والمهمشين وأبناء الطبقة المتوسطة، ويقف وجها لوجه أمام متطلباتهم القانعة والمقنعة، وأحلامهم الصابرة والمثابرة، ونتوحد جميعا نحن المشاهدين، وأصحاب الأحلام والأوجاع في جلسة علي شرف الرئيس، برعاية كاميرا ساندرا نشأت.
لأول وهلة شعرت بالارتياح حين رأيت الرئيس يخلع الزي الرسمي، ويطل علينا عبر الشاشة، مواطن عادي بدرجة رئيس، يتحدث خارج الجدران بعيدا عن المكاتب المغلقة والبروتوكولات الرسمية، ومثلما كانت الكاميرا هي "القلم" الذي دونت به أوجاع وأحلام وتساؤلات الشعب، كانت أيضا "القلم" الذي خطت به إجابات شديدة الصدق والبساطة والصراحة، والريشة التي رسمت بها "بورتريه" لإنسان يحمل قيما أصيلة وخلقا رفيعا وتواضعا جما، والأداة التي صنعت بها فيلمها "الشعب والرئيس" الذي دخل العقول والقلوب قبل البيوت.
تمردت علي الصورة النمطية التي اعتدنا مشاهدتها في هذه النوعية من الأفلام التسجيلية والحوارات الرئاسية، وكسرت جمود "الكليشيهات" الثابتة التي يجري بها الرؤساء حواراتهم، لذلك أدهشتني المبررات والتبريرات التي ساقها البعض للإجابة علي تساؤل ليس له محل من الإعراب: لماذا اختار الرئيس المخرجة ساندرا نشأت للظهور معها، وليس واحدا من مشاهير برامج التوك شو اليومي؟!
والحق أنني أرفض جملة وتفصيلا أن يكون تبرير اختيار ساندرا نشأت، هو عدم الوقوع في حرج الانتقاء من بين المذيعين والقنوات التليفزيونية! أوبسبب الرغبة في البعد عن الحوار التليفزيوني التقليدي، والتحول إلي الحوار الخفيف الذي لا يلاحقه فيه بالأسئلة مذيع لا يستطيع الخروج من عباءته المعتادة، والقواعد الإعلامية التي يعمل وفقها! كما أرفض تماما فكرة الربط بين موقف الرئيس المعلن من الإعلام والإعلاميين وبين الظهور مع المخرجة ساندرا نشأت !!
واسمحوا لي يا سادة أن أشير بداية إلي أن هناك خلطا واضحا بين اللقاء التليفزيوني الذي يجريه مذيع مع ضيف في برنامج، وبين "السينما توجرافيا" التي سجلت الحدث ونقلت الواقع ، واقتنصت اللحظة وأسرتها، وهنا تكمن قدرة السينما علي التوحد بالمتفرج والاستيلاء علي مشاعره بسهولة ويسر، وهذا سر روعة السينما وجمالها ، فنحن في عصر الإنتاج "السينما توجراف" الرقمي بلا منازع ، وأهم ما أحدثه هذا الوافد الجديد أنه جعل البشر العاديين يصنعون أفلاما يعبرون فيها عن حكاياتهم ومشاعرهم وأفكارهم وأحلامهم بحرية يحسدون عليها، وانعكس ذلك بدوره علي الإنتاج والفكر السينمائي التقليدي، ووضع علي خارطة هذا الفن سينمائيين جددا، "الكاميرا" هي "القلم" الذي يسطرون به أفكارهم وأفلامهم، فيدخلون بهما مباشرة إلي عقول وأذهان وبيوت المشاهدين.
وبعيدا عن ذلك السؤال الذي شغل الإعلاميين.. فقد أسعدني تناول الرئيس للآثار السلبية الناتجة عن حرب اليمن عام 62، وتأثيرها المدمر علي الغطاء الذهبي، وانخفاض قيمة الجنيه المصري، والأزمة الاقتصادية الطاحنة بعد هزيمة 67 ، وتعثر مصر 10 سنوات لإعادة بناء الجيش والدولة، وجاءت شهادة الرئيس المنصفة للزعيم الراحل أنور السادات، والاعتراف برؤيته السابقة لعصره، وفكره المتقدم الواقعي سواء في الحرب أوالسلام.
لديّ عدد من الملاحظات علي فيلم "شعب ورئيس"، لكني لا أنكر أنه نجح في تقليل " فجوة" لدي البعض فرضتها ظروف معيشية قاسية علي المواطن، أوالفجوة التي صنعتها بعض الأجهزة ، قد يكون لبعضها ما يبررها، لكن للكثير منها أضراره البالغة، وهذا ما عكسته حالة الخوف التي كانت مسيطرة علي المواطنين، وإحساسهم بعدم القدرة علي التحدث والتعبير بحرية وصراحة عن آرائهم أمام الشاشة، والتي للأسف ستظل موجودة حتي في ظل تأكيد الرئيس الواضح علي عدم وجود توجيهات بذلك، طالما أن هناك من يسيء التصرف ويتجاوز في استخدام مسئولياته ومهامه!
أتمني أن يبدأ الرئيس فترته القادمة بإعادة بناء الإنسان، ووضع قوانين حاسمة تتعلق بمنظومة مجانية التعليم والصحة، وتنظيم النسل، واقتصار الدعم علي طفلين فقط، وضبط المرور والسلوك في الشارع المصري.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف