الأهرام
أسامة سرايا
رسالة إلى كل مصرى ومصرية
يا لروعة الوطن، ويا لجمال الدولة، حين تحمى أبناءها، وحين تتصدى مؤسساتها لتمنع المخاطر والخوف عن الوطن. وقد عشنا فى مصر تلك المخاطر، كما عاشتها كل المنطقة فى سنوات صعبة، وفينا من خرج سالماً، وفينا من لا يزال يعانى الآلام، وهناك من ظل يعايش الضياع وانهيار كيان الدولة، وقد كان يحمى الوطن، ولا يميز بين الأبناء إلا بالقانون. ولولا قدرة مؤسسات الوطن، خاصة الجيش، على التحرك فى الوقت المناسب، لكانت مصر تعانى أكثر، ولكان أبناؤها وقعوا فى المخاطر الأصعب. والآن حانت لحظة الفرح والاحتفال بقدرة المصريين على حماية الوطن، والدفاع عنه فى لحظات الخطر.

واليوم ولمدة ثلاثة أيام قادمة، هى أيام الانتخابات الرئاسية، ستكون لحظة جديدة، يفرح فيها المصريون بالنصر، وحماية الوطن والدولة، والخروج من أخطر معارك الأوطان دقة وحساسية، منتصرين بحمد الله على القوى المتعددة التى جندت نفراً أو فصيلاً منا، لإعادة احتلال مصر من جديد، حتى تعود تحت أسوأ أنواع الوصاية والاحتلال، وأكثرها بشاعة فى تاريخ الإنسانية.

تصورت بعض القوى الإقليمية وهى تبحث عن نفوذ، أنه بعد انحسار دور القوة العظمى الأمريكية عالمياً، أصبحت مؤهلة لملء الفراغ، والسيطرة على المنطقة، فأشعلتها فوضى واضطرابات بأموالهم، ووجدت منا نفوسا ضعيفة، يملؤها الحقد والتجارة بالدين، حقداً على الوطن وأبنائه، فجندتهم فى هذه المعركة غير الشريفة والمجرمة فى حق كل إنسان مصرى، لكى تسلب وطنه، وكرامته، وحقه فى حياة كريمة بلا وصاية، ولا تدخل ولا قمع باسم الدين.

هذه القوى استغلت ضعاف العقول، وأصحاب الطموحات غير المشروعة، لكى تسحبهم إلى هذه المواجهة المجرمة واللعينة، ولكن المصريين كانوا قد اكتسبوا مناعة ونظرة شاملة، فخرجوا سريعاً من حالة غياب الوعى، وصححوا هذه الجريمة، ووضعوا كل المجرمين فى قفص الاتهام، وأصبحنا جميعاً مكشوفين، فمن مع الوطن بات واضحا ومعلنا، ومن صار عدوا له بات واضحا أيضا، رغم أنه كان من بعض أبنائه، ولا نريد أن نكرر ما سبق أن كتبناه هنا مراراً. ونحن الآن فى لحظة فرح المصريين بانتصارهم، ولا يمكن أن نتخلف عن دفعهم للفرح والمشاركة، وهذا لن يتحقق إلا بأن نكون جميعا اليوم، وغدا وبعد غد، أمام صناديق الاقتراع، مهما يكن من ننتخب، ليقودنا، فنكلل معا ما بدأناه فى السنوات الخمس الماضية. ولكن الأهم هو أننا سننتخب مصر، ومكانتها المحلية، ودورها الإقليمى البارز الذى ينتظرها فى السنوات القادمة، ويجب أن يكون خروج المصريين فى انتخابات مصر الرئاسية الجديدة، بكثافة، ومبهراً لكل المراقبين فى الداخل والخارج، ويفوق أى انتخابات أخرى، وتحديداً يجب أن يصل إلى أكثر من 60% من نسبة التصويت، فذلك يعنى للجميع أننا وصلنا إلى درجة من الوعى والثقة تمنع الهزيمة مرة أخرى، أو السقوط فريسة فى أيدى أى أعداء، مهما كانوا، وفى أى مكان، وتحت أى غطاء يتسترون به، حتى لو كانوا يتسترون وراء أشرف دين، وراء الدين الإسلامي، وهو منهم براء.

إن مشاركتنا اليوم فى الانتخابات تعنى أننا التقطنا الإشارة التى أرسلتها (قواتنا المسلحة) منذ أيام من سيناء، وهى تقتلع الإرهاب، وتزيح المتطرفين من على وجه هذه البقعة الغالية من أرض الوطن.. بأن مصر بجيشها أصبحت رجل الشرق القوى، وأنها ستعيد رجل الشرق المريض بعد الحرب العالمية الثانية إلى مكانه الطبيعي، ليدرك أن المنطقة وشعوبنا العربية لا يمكن أن تعود إلى الوراء بأى شكل من أشكال الاحتلال، حتى ولو تستر بخلافة عثمانية عفى عليها الزمن!

جيش مصر القوى هو رجل المنطقة العربية، وهو القادر بقوته وشعبه من خلفه على الإعلان بوضوح أنه سيلجم كل القوى الباغية، ويقف ضد أى تدخلات فى شأن مصر، أو فى شأن بلادنا العربية كلها، فالقوة والوحدة والتلاحم بين الشعب ومؤسساته خير إشارة لهذا المعنى النبيل، بل هى رسالة القوة التى تمنع الحرب نفسها وتأثيراتها على منطقة وشعوب الشرق الأوسط. ونحن أحوج ما نكون إلى منع التدخلات التركية والإيرانية والإسرائيلية عن منطقتنا، وتجنيدهم للإخوان المسلمين، وسيطرتهم على حكم قطر الشقيقة، واستغلالهم فى نشر الإرهاب والفوضى فى كل ربوع البلاد وبين كل الشعوب العربية... إن احتشاد المصريين اليوم هو أبلغ رد، بل هو أقوى من تحرك الجيوش نحو الحروب الإقليمية، فهو رسالة ردع للقوى الباغية حتى تقف عند حدود لا تتجاوزها، ولذلك فإننى أدعو كل مصرى ومصرية، وكل شاب، وشابة، ألا يتخلفوا عن هذه المهمة، أو هذه الرسالة السامية والإنسانية والرفيعة. وأدرك أن كل المشاركين سيعلنون لكل العالم عن حجم الإخوان المسلمين الحقيقى فى مصر، وسيكشفون أن حجمهم ضئيل، وتأثيرهم يتهاوى وينزوى، ويصبح نسيا منسيا، ليعرف كل متدخل فى الشأن المصرى أو العربى أنه لا مكان له ولن يقبله أحد. ونحن جميعا أصحاب مصلحة حين تكون أصواتنا رادعة، حتى لا تتحرك المدافع، أو تتحرك المنطقة نحو حروب إقليمية جديدة، أو نحو حروب طائفية بغيضة، أو عبر انتشار روح التطرف والكراهية، واستخدام الأديان فى لعبة سياسية للاستيلاء على سلطة هى بالضرورة ضد أبناء الوطن. والمشاركة الانتخابية هى أقوى رسالة لكل من يريد استقرار وقوة وقدرة مصر، ومن يتخلف سيعطى إشارة مضادة دون أن يدرى لكل الأعداء، والمتربصين بالبلاد.. ولكننا سنكون جميعا مشاركين، لأننا جنود وحماة مصر، فالمشاركة تبدو عملا بسيطا، ولكنها ستكون خطوة كبيرة فى عمر الزمن، وحياة ومستقبل الوطن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف