الوطن
د. محمود خليل
توب الأخلاق
ألذ موقف يمكن أن تضبط فيه المواطن المصرى وهو متلبس بـ«توب الأخلاق»، تسمع أحدهم يحاضر فى الشرف والفضيلة ويعتب على الغير تردِّى الأخلاق، رغم أن «باب النجار مخلع». تسريب نقل حواراً بين الكباتن مجدى عبدالغنى وأحمد حسام وحازم إمام وسيف زاهر على هامش تحليل مباراة مصر والبرتغال قلب الدنيا على مواقع التواصل الاجتماعى. من يريدون الاصطياد للكباتن أخذوا يبكون ويندبون على مستوى التردى فى الألفاظ والموضوعات التى تناولها الكباتن فى «قعدة» يمكن وصفها بـ«الخاصة»، وأخذوا يقولون إنهم قدوة، وليس من العقل أن ينطق لسانهم بـ«العيبة»، ولست أدرى هل يطبق من عاب على الكباتن ألفاظهم وأفعالهم هذه القاعدة على أنفسهم ويلتزمون بالأخلاق فى «قعداتهم الخاصة»؟. اللافت فى الأمر أن بعض قنوات ومواقع جماعة الإخوان التقطت التسريب وتعليقات رواد التواصل الاجتماعى عليه وأخذت تنعى المستوى الأخلاقى المتردى الذى وصل إليه محللو الكرة وكباتن مصر بعد 30 يونيو 2013!. نسى هؤلاء أن هناك تسريباً خرج حديثاً ينقل تفاصيل خناقة بين العاملين بواحدة من كبرى القنوات الإخوانية التى تبث من تركيا!

على الضفة الأخرى من نيل مصر، ظهرت مجموعة أمطرت وسائل التواصل الاجتماعى بـ«تدوينات دفاعية» تبرر للكباتن حالة البحبحة اللفظية والحوارية التى كانوا عليها، بحكم أنهم كانوا فى قعدة خاصة، وأخذ أصحاب هذا الرأى أو وجهة النظر تلك يرددون أن كل الناس تتحلل فى القعدات الخاصة من القيود اللفظية، مثلما يتحللون من ملابسهم، وبالتالى فمحاكمة أى شخص على ما يقوله وهو «واخد راحته» غير موضوعية، بل إذا كان هناك جرم أخلاقى قد ارتُكب، فقد وقع فيه من قام بالتسجيل والتسريب وإتاحة ما قيل فى «القعدة الخاصة» على شبكات التواصل، فالدستور والقوانين تحمى الحق فى الخصوصية، ولا تتيح لأحد اقتحام الحياة الخاصة للغير ونشر ما يدور فيها على ملأ من الناس. الطريف فى الأمر أن أغلب من تبنّى وجهة النظر تلك ذهبوا إلى أن الهدف من هذا التسريب هو الإساءة إلى صورة مصر من خلال تشويه صورة كباتنها الكبار أمام الرأى العام العربى والعالمى، فى فاصل أصبح مألوفاً لخلط السياسة بالكرة، يُخيَّل لى أن من ابتدعه هو المعلق الظريف مدحت شلبى، فقد سمعته وهو يعلق على الدقائق الأخيرة من مباراة مصر والبرتغال، حين كانت مصر متقدمة بهدف، يؤكد أن هذا النصر فأل حسن يبشر بحلّ ما يواجهنا من مشكلات، وأن «الخير جاى وسيعم الجميع، بس الناس تصبر وتتحمل شوية، وإيه يعنى لما نصبر ونستحمل عشان بلدنا»، وكلام من هذا القبيل. وللأسف لم تمضِ دقيقتان على هذا الفاصل الوطنى المؤثر حتى فوجئنا برونالدو يفسد علينا فرحتنا التى ساقها إلينا المبدع محمد صلاح، ليحرز هدفين فى مرمى «الشناوى» حارس مصر.

نحن نعيش حالة يمكن وصفها بـ«الخلطبيطة الأخلاقية». تجد أحدهم يسب ويشتم ويستخدم أبشع الألفاظ، ثم يقدم لك طبخة خاصة، يختلط فيها الممنوع بالمباح، والصواب بالخطأ، والخصوصى بالملاكى، والانتصار الرياضى بالسياسى. كله دخل على بعضه بصورة كاريكاتيرية مضحكة تعكس بؤس التفكير.. ظروفنا كده!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف