الوطن
د. محمود خليل
حديد على حديد
تداولت عدة مواقع خبراً يفيد بقيام سويسرا بإعادة أموال مجمدة لمصر تعود ملكيتها لرجل الأعمال المصرى أحمد عز، تبلغ 32 مليون فرنك سويسرى (نحو 34 مليون دولار) فى ديسمبر الماضى. يزيد هذا المبلغ على 600 مليون جنيه مصرى، هى جزء من ثروة أحمد عز، أحد أباطرة رجال الأعمال فى عصر مبارك. لعلك تعلم أن سويسرا سبق وأعلنت أن هناك 400 مليون فرنك سويسرى مجمدة فى بنوكها تخص النسبة الأكبر منها نجلى الرئيس «مبارك»: علاء وجمال.

أواخر فبراير الماضى، أعلنت الحكومة المصرية التصالح رسمياً ونهائياً مع أحمد عز، أمين التنظيم السابق للحزب الوطنى نظير دفع مليار و700 مليون جنيه، منها 600 مليون جنيه تم استردادها من الخارج، المرجح أن المقصود بها الـ34 مليون دولار التى أعادتها لنا سويسرا. قد ينظر البعض إلى صفقة الصلح كواحدة من الصفقات المفيدة للدولة المصرية، إذا أدت إلى حصولها على ما يزيد على مليار جنيه حصل عليها أحمد عز دون وجه حق. وقد يتبنى آخرون وجهة نظر نقيضة تذهب إلى أن ما حصلت عليه الدولة لا يشكل نسبة ذات بال مما «كوّش» عليه ملياردير الحزب الوطنى، وقد يتساءل أصحاب وجهة النظر تلك كيف تأتى لرجل واحد أن يجمع هذه الأرقام التى تعد بالنسبة لكثير من المصريين أرقاماً خزعبلية؟.. واضح أن الحديد بيكسب كتير، خصوصاً فى ظل احتكام السوق إلى قواعد احتكارية.

وبمناسبة الحديث عن سعر الحديد، فالمؤكد أنك تتابع الارتفاعات الملحوظة فى سعر طن الحديد التى شهدها شهر مارس الحالى، أى عقب توقيع صفقة التصالح مع أحمد عز. وتشير الأرقام إلى أن سعر الطن من حديد عز يقترب من الـ13 ألف جنيه. تداعيات ارتفاع أسعار الحديد معلومة بالضرورة. أبرزها زيادة أسعار العقارات وكافة المنتجات الأخرى التى يدخل الحديد فى صناعتها. الأخطر أن ارتفاع أسعار الحديد يمكن أن يكون له مردود سلبى على المشروعات القومية التى تبنتها الدولة عبر السنوات الأربع الماضية، ومن المفترض أن تستكمل مشوارها فيها خلال السنوات المقبلة. الحديد على سبيل المثال مهم للغاية بالنسبة لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروعات المدن التى يتم إنشاؤها فى الظهير الصحراوى للمحافظات، ومشروعات الإسكان الاجتماعى، وغير ذلك. الحاجة إلى الحديد ماسة، ولا أريد أن أذهب إلى ما يلكلك به بعض الخبثاء من أن الارتفاعات التى شهدها شهر مارس فى أسعار الحديد سوف تعوّض «عز» -سريعاً- عما دفعه للحكومة مقابل التصالح معها.

قد يكون رقم المليون والمليار رقماً عادياً بالنسبة لقلة من المصريين، لكنه يبدو شديد الإثارة بالنسبة لآخرين. الـ600 مليون جنيه التى أعادتها سويسرا لمصر من الأموال المجمدة لأحمد عز مبلغ كبير فى نظر العديد من المواطنين، وهى تستوجب أن يحصل من يحوزها على دخل شهرى قدره مليون جنيه، على مدار 50 سنة، بشرط ألا ينفق منه شيئاً. فما بالك بالمليارات؟!. الحديد مادة، وشأنها شأن كافة المواد لا تفنى ولا تستحدث من عدم. وقد اكتسب «عز» العديد من سماتها، فأصبح هو الآخر لا يفنى ولا يستحدث من عدم.. نحن أمام رجل «حديد» يعمل فى «الحديد».. ويفعل الله ما يريد!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف