تتحول أنظار العالم إلي البيت الأبيض كلما حدث تغيير في الوزراء أو المسئولين الذين يحيطون بالرئيس الأمريكي ويعاونونه . نظرا للتأثير الكبير لأية توجهات أو سياسات تصدر من البيت الأبيض علي الاستقرار والأمن في جميع أنحاء العالم . ويزيد من هذا الاهتمام أن الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب متقلب المزاج كثير التغيير . بالإضافة إلي أنه في الأصل رجل أعمال وخبرته في السياسة الخارجية محدودة ويقيس الأمور بمنطق الصفقات . مما يجعله أكثر اعتمادا علي معاونيه . وهو الأمر الذي يعطي لهؤلاء المعاونين أهمية فوق أهميتهم .
وفي هذا الأسبوع فوجئ المراقبون بتعيين جون بولتون أحد صقور المحافظين الجدد في عهد بوش الابن مستشارا للأمن القومي الأمريكي . وهو ثالث شخص يتولي هذا المنصب الخطير خلال 14 شهرا فقط من حكم الرئيس ترامب. وقد أثار اختياره مخاوف كثيرة حول السياسات الأمريكية القادمة . خصوصا فيما يتعلق بالملفات الساخنة مثل القضية الفلسطينية والاتفاق النووي الذي وقعته دول الغرب مع إيران والقمة الوشيكة مع كوريا الشمالية .
الغريب أن أشد المتخوفين من اختيار بولتون لهذا المنصب الخطير هم رجال المخابرات المخضرمين في "السي . آي . إيه" . وقد قالت عنه مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إنه "تهديد للأمن القومي الأمريكي" ووصفته افتتاحية صحيفة "نيويورك تايمز" بأنه رجل خطير. وقالت وكالة "أسوشيتيد برس" إن اختياره إلي جانب وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو يثير المخاوف من إمكانية شن حرب قريبة . أما في إسرائيل فيصفونه بأنه "خبير أمني استثنائي ودبلوماسي مخضرم وصديق شجاع لإسرائيل".
كان بولتون أحد اللاعبين الأساسيين في عملية غزو العراق عام 2003. وشغل منصب السفير الأمريكي لدي الأمم المتحدة لمدة 18 شهرا بين عامي 2005 و2006 . وموقفه المؤيد لنقل السفارة الأمريكية للقدس والرافض لحل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين ودعوته إلي وضع الأراضي الفلسطينية التي تتخلي عنها إسرائيل تحت السيادة المصرية والأردنية معروف . ومعروف أيضا دعوته إلي إلغاء الاتفاق النووي مع إيران . بل وتغيير النظام الإيراني بالقوة . والتشدد مع كوريا الشمالية في أية مفاوضات لإجبارها علي تفكيك مفاعلها النووي وشحن مكوناته بالكامل إلي أمريكا كما فعل القذافي عام 2004.
مؤخرا نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن شاؤول موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق أن بولتون مارس عليه ضغوطا شديدة عندما كان سفيرا في الأمم المتحدة لكي تقوم إسرائيل بمهاجمة إيران لكنه رفض . مؤكدا أن ذلك ليس أمرا ذكيا بالنسبة لإسرائيل أو أمريكا . لا في الأمس ولا اليوم .
والخلاصة كما تري . أن مستشار ترامب الجديد للأمن القومي صهيوني أكثر من الصهاينة أنفسهم . وما أكثر الصهاينة حول ترامب .