الأهرام
نيفين عمارة
ريتشارد سورج..جيمس بوند الروسي
من منا لم يعشق رجل المستحيل ،جيمس بوند ،الشياطين الـ 13،رأفت الهجان ،جمعه الشوان حتي أفلام الجاسوسية لناديه الجندي ،..وغيرهم من نجوم عالم الجاسوسية .. فالجاسوسية عالم يتسم بالغموض ومحفوف بالمخاطر لكن هل مازال ذلك العالم قائمًا في ظل السماوات المفتوحة والهواتف الذكية وجوجل أيرث .
يبدوا أن الجاسوسية عالم لا ينتهي قد يتبدل أو يتجدد لكنه لا ينتهي هذا ما أثبتته الأزمة الدبلوماسية بين بريطانيا وروسيا بعد عملية تسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال ، وبسببها تم طرد 120 دبلوماسياً روسياً من 25 دولة معظمها في الاتحاد الأوروبي إلى جانب بريطانيا والولايات المتحدة، تضامنا مع بريطانيا.وهى بذلك تعد أكبر عملية طرد غربية لدبلوماسيين روس منذ ذروة الحرب الباردة
نجحت هذه الأزمة في إعادة إحياء ذكرى واحد من أهم الجواسيس الروس الذين غيروا مجرى التاريخ إنه ريتشارد سورج.. الأستاذ هكذا كانوا يلقبونه.
سورج .. شاب أعرج، يتقنُ العديد من اللغاتِ والمهارات، والعلاقات، زيرُ نساء، كثيرُ الشرب للخمور، قام بأفعالٍ أقرب ما تكون للخيال منها إلى الواقع، والتي لا نراها سوى في أفلام "جيمس بوند"

اشتهر بأنه إعلامي وخبير علوم سياسة حيث حصل على شهادة الدكتوراه في هذا المجال، ولد عام 1895م في أذربيجان، و تم تجنيده في الاتحاد السوفييتي باعتباره جاسوسًا متخفي، كانت أولى مهامُّه الخطيرة عندما تم إيفاده إلى بريطانيا، ليدرس الحركة العماليَّة في بريطانيا، والحزب الشيوعيّ البريطانيّ..
وقد عُرف سورج كصحافيّ ألماني مشهور، وتدثَّر بعباءة الصحافة مخفيًا جاسوسيَّته الخطيرة عن الجميع. كان سورج مختلفًا، وموهوبًا بالفطرة.

فعندما ذهب إلى الصين، كجاسوسًا كان غطاؤه الأساسيّ هو الصحافة، فتخصَّص سورج في الشأن الزراعي الصينيّ، وألَّف كتابًا في الأمر.و كانت علاقاته بالطبع بالحزب الشيوعي الصيني قويَّة، عاد بعدها إلى موسكو من جديد ليُنتدب إلى المهمَّة الأخطر والأهمّ في حياته، وربما في تاريخ الاستخبارات الروسية نفسها.و كانت مهمَّته الخطيرة هى "تكوين شبكة جاسوسيَّة في اليابان" ،تم إرساله لليابان قبل بداية الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا في الفترة التي ارتقى فيها هتلر لزعامة ألمانيا.
أدار شبكة تجسسية ضخمة جعلته يحصل على العديد من الأوسمة من الاتحاد السوفييتي، ومن ضمن إنجازاته أنه كان على دراية بهجوم ( بيرل هاربر) الخاطف الذي نفذته اليابان ضد أمريكا في الحرب العالمية الثانية قبل أشهر من حدوثه.
وفي نقطة حاسمة في التاريخ، كان ريتشارد قد تمكن أن أيضًا من معرفة التاريخ الخاص بعملية أطلقتها ألمانيا لغزو الاتحاد السوفييتي، ولكن في ذلك الحين لم يتم الاستماع لمعلوماته من قبل ستالين، مما ساهم في خسارة العديد من الأرواح من السوفييت، ولكن في النهاية فشل هجوم الألمان أيضًا بفضل ريتشارد الذي تمكن من الحصول على صورة لوثائق تثبت أن اليابانيين لن يساهموا في هجوم حليفهم الألماني على السوفييت، وبهذا تمكن ستالين من تركيز قوة جيشه في الدفاع ضد ألمانيا. ولكن في نهاية المطاف، تم القبض على أحد أعضاء شبكته في اليابان، وبعد تعذيبٍ شديد اعترف بجاسوسيَّة سورج. والقي القبض على ريتشارد سورج من قبل اليابانيين بتهمة التجسس للسوفييت، وتم عرضه أكثر من مرة على السوفييت في عملية تبادل للأسرى، ولكن تم رفض هذا العرض وكان أيضًا سورج ينفي دائمًا صلته بأي طرف ، ليظلّ سورج في سجن "سوجامو" حتَّى 7 نوفمبر 1944، وتمّ إعدامهُ، ليس كشخصٍ عاديّ، وإنما كشخصٍ استطاعَ أن يتسبب في هزيمة القوَّة الأعظم في العالم.
وأخيرًا وبعد عقدين من الزمن اعترف السوفييت بهذا الجاسوس وبفضله في تسيير المعارك لصالحهم، كما وضعوا صورته على طابع بريدي تكريمًا له.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف