الأهرام
عبد الرحمن سعد
فضائل عظيمة لهذه السور
تناول المقال الماضي فضل أول ثلاث سور من القرآن، وفق ترتيب المصحف، وهي: "الفاتحة"، ثم "البقرة"، ثم "آل عمران". وتأتي "أم الكتاب" باعتبارها أفضل سورة في القرآن، لذا نردّدها في صلواتنا المفروضة، بخلاف النوافل، 17 مرّة، كل يوم.
ويلي "السبع المثاني" في الفضل؛ "سَنام القرآن"، إذ هي أطول سوره، وقد استغرق نزولها عشر سنوات، وسُميت، أيضا، "فسطاط القرآن"؛ لأنها جمعت كليّات الشريعة، وبحسب تعبير شيخ الإسلام ابن تيمية: "اشتملت على أصول العلم، وقواعد الدين".

وقد دعت آخر آية أنزلت فيها، وفي القرآن بالجملة، إلى تقوى الله، فقال تعالى: "وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ". (281).

أما ثالث سور المصحف في الترتيب فهي "آل عمران"، وقد فُضلت لورود الاسم الأعظم لله فيها.

ونتحدث اليوم عن فضل عدد آخر من سور القرآن، فقد أُنزلت سورة "الأنعام" على النبي، صلى الله عليه وسلم، بمكة، ومعها نحو سبعين ألف ملك، ما بين الخافقين، ارتجت الأرض بهم، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: "سبحان الله العظيم".

ومن حفظ السبع الطوال من أول القرآن: البقرة, وآل عمران, والنساء, والمائدة, والأنعام, والأعراف, والتوبة؛ فهو "حَبْر": أي عالم؛ لحديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم-: "من أخذ السبع الأول من القرآن فهو حَبْر". (الصحيحة, وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن).

وفي فضل قراءة سورة "الكهف" خاصة، والقرآن عامة، من تنزل السكينة، ورد الحديث عن البَراء بن عازب، رضي الله عنه، قال: "كان رجل (هو أسيد بن حضير) يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه فرس مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ (تثنية شطن، وهو الحبل الطويل) فتغشته سحابة، فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه يَنْفِر، فلمَّا أصبح أتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فَذَكَر ذلك له، فقال: "تلك السكينة تنزلت بالقرآن". (متفق عليه).

وعن أبي الدَّرداء، رضيَ الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "مَن حفظَ عشر آيات من أول سورة الكهف، عُصِمَ منَ الدَّجَّال". (رواه مسلم).

وفي فضل قراءة "الكهف" أيضا قال، صلى الله عليه وسلم: "مَن قَرَأ سورة الكهف كما أُنْزِلَتْ، كانتْ له نورًا يوم القيامة، من مقامه إلى مكة، ومَن قَرَأ عشر آيات مِن آخرها، ثم خَرَج الدَّجَّال لم يضره". (صححه الألباني في "الأحاديث الصحيحة").

وكذلك قال، صَلى الله عليه وسلم: "مَن قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاءَ له منَ النُّور ما بين الجمعتينِ". (صحَّحه الألباني في صحيح "الترغيب والترهيب").

وفي فضل سورة "الملك"، ورد الحديث عن أبي هريرة، رضيَ الله عنه، قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: "إن سورة منَ القرآن، ثلاثون آية، شَفَعَتْ لرجل حتى غُفر له، وهي سورة: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ). (رواه الترمذي، وصححه الألباني). وفي رواية صحيحة: "سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر".(صحيح الجامع).

وعنِ ابن عبَّاس، رضي الله عنهما، قال: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يقرأ في فجر الجمعة بسورتي (آلم * تَنْزِيلُ) (السجدة)، و(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ). (الإنسان).(متفق عليه).

وعن جابر بن عبدالله، رضيَ الله عنه، قال: "كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا ينام حتى يقرأ (الم * تَنْزِيلُ) (السجدة)، (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ). (الملك)". (رواه الترمذي، وصَحَّحه الألباني).

وفي فضل السور "ﺍﻟْﻤُﺴَﺒِّﺤَﺎﺕ" جاء الحديث عن العرباض بن سارية، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان لا ينام حتى يقرأ ﺍﻟْﻤُﺴَﺒِّﺤَﺎﺕ"، ويقول: "فيها آية خير من ألف آية". (رواه الترمذي، وصححه الألباني). ويعني بالمسبحات خمس سور هي: الحديد، والحشر، والصف، والجُمُعة، والتغابن.

وكان الوحي قد انقطع فترة، ظنّ بعدها الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنّهُ لن يعاود النزول، فأصابه حزن شديد، لكنه نزل بسورة "الضحى"، فكبر فرحا، وسرورا.

وفي فضل قراءة سورة "الكافرون" وردت أحاديث كثيرة، فعن فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ أنه أتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله عَلِّمني شيئًا أقوله إذا أويتُ إلى فراشي، فقال: "اقرأ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، فإنَّها براءة من الشِّرك". (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

وفيها أيضا قال، صلى الله عليه وسلم: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ" تعدل ربع القرآن". (حسنه الألباني في "الأحاديث الصحيحة").

أما سورة "الإخلاص" فقد ورد في فضل قراءتها أحاديث كثيرة كذلك، فعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أنه قال: إنَّ رجلاً سمع رجلاً يقرأ: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" يُرَدِّدها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، وكان الرجل يَتَقالَّها، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، إنَّها لتَعْدِل ثلث القرآن". (البخاري).

وعن أبي الدرداء، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟"، قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" تعدل ثلث القرآن". (رواه مسلم).

وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، إنِّي أحب هذه السورة: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ"، فقال: "إنَّ حُبَّكَ إيَّاها يدخلك الجنة". (صححه الألباني).

وقال، صلى الله عليه وسلم، أيضا: "من قرأ "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" حتى يختمها عشر مرات، بنى الله له قصرًا في الجنة". (سلسلة "الأحاديث الصحيحة" للألباني).

وعن أبي هريرة، رضيَ الله عنه، قال: أقبلتُ مع النَّبي، صلى الله عليه وسلم، فسمع رجلاً يقرأ "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ"، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "وَجَبَتْ"، قلت: وما وَجَبَتْ؟ قال: "الجنَّة". (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

وفي فضل المعوذتين ورد الحديث عن معاذ بن عبد اللّه بن خُبَيْب، عن أَبيه، قال: "خرجنا في ليلة مطيرة، وظُلمة شديدة؛ نطلب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يصلي لنا، قال: فأدركته، فقال: "قل"، فلم أقل شيئًا، ثم قال: "قل"، فلم أقل شيئًا، قال: "قل"، فقلت: ما أقول؟ قال: "قل هو الله أحد، والمعوذتين، حين تمسي وتصبح، ثلاث مَرَّات، تكفيكَ من كلِّ شيء". (رواه الترمذي، وصَحَّحه الألباني).

وقال، صلى الله عليه وسلم: "يا عُقْبَةَ ألا أعلمكَ سورًا، ما أنزلت في التوراة، ولا في الزبور، ولا في الإنجيل، ولا في الفرقان مثلهنَّ، لا يأتينَّ عليكَ إلاَّ قرأتهن فيها، قل: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)". (سلسلة الأحاديث الصحيحة).

وعن عائشة، رضي الله عنها، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، "كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثقل، كنتُ أنفثُ عليه بهنَّ، وأمسح عنه بيده لبركتها". (رواه البخاري).

وأخيرا، ورد في فضل سورة "العصر" أن الرجلين من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، كانا إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأها أحدهما على الآخر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف