المساء
السيد العزاوى
التقوي سلاح الصالحين عملهم الدائم ابتغاء وجه الله
في مسيرة الحياة نماذج من البشر منهم من يتطلع إلي الدنيا وزخارفها ومنهم من يتطلعون دائماً إلي رضا رب العباد.. التقوي تمتلك وجدانهم فيجمعون بين الحسنيين.. يتمتعون بنعم الله في قناعة ودون تجاوز أو تطاول تمتليء صدورهم بالإحسان للنفس بلا طغيان وكذلك الإحسان للآخرين دون منّي أو أذي.. تقوي الله دائماً نُصب أعينهم هي سلاحهم في الحياة رغم همومها وأعبائها يصدق في جانبهم قول الله تعالي: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون. لهم البشري في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم. ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعاً هو السميع العليم" 62 ــ 65 سورة يونس. هؤلاء الرجال وفقهم الله للجمع بين خيري الدنيا والآخرة وتلك نعمة الله سبحانه وتعالي يمُن بها علي من يشاء من عباده "ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفوراً".
وفي القصص التي حكاها رب العالمين في آيات القرآن الكريم بسورة "القصص" من بينها قصة قارون فقد آتاه الله مالاً وزينة ألهبت شهوة الآخرين. أغرته الدنيا بهذه الأموال التي كانت تجري بين يديه بلا حساب. حتي أن مفاتيح الخزن التي تضم هذه الأموال كانت تنوء بحملها الدواب التي كانت تئن ظهورها من ثقل هذه المفاتيح. ومع ذلك لم يقنع وتجاوز في افتراءاته وحينما قال له الصالحون علي سبيل النُصح والإرشاد: لا تفرح بما أنت فيه واحذر بطر نعمة الله عليك فهو الذي وفقك لاكتساب هذا المال إلا أن قارون لم يلتفت إلي هذا النصح وظل متجاوزاً في غروره وعناده وأفصح بلسانه عن هذا الغرور قائلاً: إنما أوتيته علي علم عندي متناسياً فضل الله عليه فكانت نهايته أن خسف الله به وبداره الأرض وضاع كل شيء ولعل ما جاء في هذه القصة يعتبر أبلغ شاهد علي أن تقوي الله تمتلك قلوب الصالحين فلا يحيدون عن الطريق المستقيم. والفارق كبير بين الطمع والجشع وبين الرضا والقناعة. فقد أوضح الله سبحانه وتعالي الفارق بين الرضا وبين أهل الجشع. فهاهو قارون قد خرج علي الناس في موكبه الذي كانت تبدو فيه مظاهر الأُبهة والعظمة مما ألهب حب الدنيا في قلوب الذين يريدون كثرة الأموال وتحيط بهم الأُبهة والعظمة كما شاهدوا في موكب قارون. لكن الذين لم تغرهم الدنيا رفضوا هذا الأسلوب بكل قوة وتطلعوا إلي رضا الله سبحانه وتعالي مؤكدين أنهم لا يتبغون بأعمالهم الصالحة إلا وجه الله سبحانه وتعالي.
النهاية في هذه القصة أنه بعد أن خسف الله بقارون وماله اطمأنت قلوب الصالحين الذين حاولوا إسداء النُصح لقارون ومن علي شاكلته ورفعوا أيديهم بالشكر لله ــ عز وجل ــ أن وفقهم لهذا الطريق المستقيم. هؤلاء الصالحون دائماً هدفهم الأسمي رضا الحق تبارك وتعالي والآمال تحدوهم في أن يحسن الله إليهم حينما يلقونه.. أنظارهم تتجه إلي النهاية السعيدة في الآخرة لا تشغلهم زخارف الحياة وإنما يبحثون دائماً عن الأعمال التي تعود عليهم بالخير في يوم الآخرة وصدق الله إذ يقول: "تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين" هؤلاء الصالحون هدفهم الأسمي التواضع وشكر الله الذي هداهم إلي هذا الطريق. هؤلاء هم أولياء الله الذين أفاء الله عليهم بالرضا. لأنه سبحانه علم ما تنطوي عليه نفوسهم. "ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين" فالآخرة خير وأبقي لكم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف