في مقالين، تم نشرهما أمس، أوضحت أن نتيجة انتخابات الرئاسة كانت محسومة منذ أربع سنوات ونصف، وأن نسبة التصويت كانت متوقعة، وأشرت إلى أنني سبق أن استنتجت أو استخلصت مشاركة هذا العدد (أكثر من ٢٣ مليونًا) من انتخابات ٢٠١٢ و٢٠١٤، التي قالت إن من اعتادوا المشاركة في التصويت يتراوح عددهم ما بين ٢٣ و٢٦ مليونًا.
المقال الأول، «الوَلايا.. والوِلاية الثانية» كان هنا، في «الدستور» وفي المكان نفسه. والثاني كان في جريدة «الأهرام» وعنوانه «واحد + واحد = ولاية ثانية للرئيس». وفي المقالين، وفي مقالات أخرى سابقة، ستجد ما يثبت أنه ليس منطقيًا أو معقولًا أن يتم إجبار مواطنين، عاطلين أو موظفين، على التصويت، كما زعمت الآلة الدعائية التابعة لتنظيم الإخوان أو تلك التي تديرها أجهزة مخابرات دول معادية. وستجد أيضًا ما يؤكد أنه لا توجد ضرورة لأن تقوم «الدولة» بحشد الناخبين في أول أو آخر أيام الانتخابات، ولا لأن يعد مسئولون بمكافآت مالية.. ولا لتقديم هدايا أمام اللجان، كما زعمت عناوين جريدة، تحت مستوى الشبهات، هي جريدة «المصري اليوم».
وعليه، ضحكت كثيرًا، وأنا أقرأ خليطًا عجيبًا من المغالطات، والنفاق والتدليس، نشرته الجريدة في صفحتها الأولى، ادّعى كاتبه أنه من «أرباب المهنة»، وهاجم الزملاء الذين انتقدوا جريدته، بزعم أنهم «لم يقرأوا» وأن ما قاله بعضهم «على الهواء وفي المواقع هو الذي أعطى تفسيرًا سلبيًا لمانشيت الصحيفة». وبعد «وصلة غزل» في «الدولة الرسمية» التي كانت أذكى بمراحل، أمتعنا بـ«كوبليه نفاق» للرئيس: «نحن في جميع إدارات الصحيفة المختلفة انتهاء بملاكها، إلى جانبك سيادة الرئيس، وإلى جانب الدولة. نبارك لك فوزك. ندعمك ونساندك. كنا كذلك وسنظل على عهدنا».
نفاق مفضوح وساذج، لأن كاتبه حاول إظهار غير ما يبطن وغير ما في باطن الجريدة الذي «تغلي فيه مراجل النار»، الذي أكدته سوابق عديدة، توقفنا عند بعضها وتجاهلنا كثيرًا منها. بالضبط، كما كانت تخريجة «الحشد الإيجابي» مفضوحة وساذجة، بزعمه أن «مانشيت الصفحة الأولى بشوارحه يقول إن جميع أجهزة الدولة حرصت على زيادة نسبة المشاركة وهو أمر محمود». وفاته أن شوارح المانشيت تحدثت عن «تقديم هدايا أمام اللجان» وعن «وعود المسئولين بمكافآت مالية»، وهو ما لا يوصف بغير أنه «رشاوى انتخابية»، لا نعتقد أنها لن تكون محمودة إلا في منظومة قيم صلاح دياب وأمثاله، الذين اعتادوا وصف «الرشوة» بالهدية، على سبيل «الدلع» أي التدليل!.
صلاح دياب «هو رجل أعمال لم يكن معروفًا إلا في دوائر ضيقة جدًا، حلويات، خدمات بترولية، زراعات تطبيعية مع دولة معينة». الآن، هو رجل صاحب نفوذ هائل، هو القائم على أمر صحيفة «المصري اليوم»، وهي صحيفة لها ظاهر معلن أمام الناس، ولها باطن تغلي فيه مراجل النار.. «تقف إلى جانب الإرهاب، والفوضى، والخروج على الشرعية، والعمل خارج نطاق الدستور، بالاصطفاف إلى جانب جماعة الإخوان الإرهابية».. و«تقود الحرب على أركان ومقومات الدولة القائمة».. و«حكايتها مثل حكاية الإخوان. ظاهر براق.. وتحته باطن تغلي فيه النار. الصحيفة والجماعة كلتاهما ألغاز وأسرار. مستوطنة سرية هي الصحيفة.. تنظيم سري هو الجماعة.. صلاح دياب ومهدي عاكف والدكتور بديع، إخوان تجمعهم راية واحدة، ليست راية الإسلام، وليست راية حرية الصحافة.. راية الفوضى الخلاقة».
قبل أن يسن غلمان صلاح دياب أسنانهم، أشير إلى أن ما تضمنته الفقرة السابقة منقول من مقال كتبه أنور الهواري، ونشرته جريدة «الأهرام المسائي» في ٢٤ أغسطس ٢٠١٠ والأستاذ «الهواري» كان أول رئيس لـ«المصري اليوم». وكان رئيسًا لتحرير جريدة الوفد وتركها «يوم ٢٢ ديسمبر ٢٠٠٨ واختفى عن الوسط الصحفي عدة أشهر ليعود (متحولًا) من المعارضة الشديدة للنظام والحكومة إلى الكتابة في حب الحكومة، والتجريح في رموز وشخصيات عامة معارضة ومستقلة»، وما بين التنصيص منقول، هذه المرة، من جريدة «المصري اليوم» التي عاد الأستاذ «الهواري» للكتابة فيها، في ٣٠ يونيو ٢٠١٤، تلبية لما وصفها بأنها «دعوة كريمة»!.
لا تشغل بالك بـ«كريمة» أو «عطيات»، فما يعنينا هو أن ما ذكره «الهواري»، أكدته خطايا مهنية عديدة ارتكبتها الجريدة، لم تعتذر عن واحدة منها. وربما كان اعتذارها الوحيد هو ذلك الذي نشرته في صفحتها الأولى تحت عنوان «اعتذار واجب لأمة عريقة»، منتصف فبراير ٢٠١٧، لمجرد أن عبدالناصر سلامة انتقد، في مقال، تصريحات لمحمد بن راشد، حاكم دبي. أما أنت، أيها القارئ أو المواطن، فلم يعتذروا لك عن أي نفايات أو «زبالة» جمعوها من على الأرصفة ووضعوها أمامك، دون حتى أن يعيدوا تدويرها، كما تفعل محلات الحلويات، التي تقوم الجهات المعنية، أحيانًا، بمداهمتها وتجد بها ما يخالف معايير السلامة والصحة العامة.
قد تكون قرأت، مرة على الأقل، في صفحات الحوادث، أن إحدى تلك المداهمات أسفرت عن ضبط كميات من الحلويات الفاسدة والخامات مجهولة المصدر داخل مصنع بالمنطقة الصناعية بالبساتين، تابع لسلسلة محلات حلويات «لابوار»، المملوكة للأستاذ صلاح دياب، الذي هو نفسه صاحب جريدة «المصري اليوم»، التي أخشى أن يستبد بك الغضب، أو يتملّك منك الغيظ، كما تملّك من الأسد أو من الأستاذ سمير صبري المحامي، وتطالب «الجهات المختصة» بعمل مداهمات لضبط ما يخالف معايير السلامة والصحة العامة بتلك «الجريدة»، كتلك التي تقوم بها «جهات مختصة» أخرى في مصانع ومحلات الحلويات التابعة لصاحبها!.