الجمهورية
مدبولي عثمان
دائرة الوعي .. المقهي بديل للمدرسة .. كيف ؟!

جلست عصر الأربعاء الماضي علي مقهي ولفت نظري أنه مزدحم بالشباب والشابات. واعتقدت في البداية أن هناك مباراة كرة قدم . والتي أصبح من المعتاد أن يتزاحم الجميع شبابا وشيبة علي مشاهدتها. فاستفسرت من عامل المقهي وصدمتني إجابته "دول الولاد بتوع الثانوية العامة¢. وعلمت أنهم يجلسون لساعات طويلة في انتظار حصص الدروس الخصوصية. ولقضاء الوقت بين حصة وأخري. وبمتابعتهم تبين أنهم لا يقضون الوقت بل إنهم يهدرونه. فمن المفترض وهم في نهاية مرحلة دراسية جعلها نظامنا التعليمي فاصلة في حياتهم أن يستثمروا الوقت في مراجعة الدروس وحل التدريبات والمسائل أو في الحوار المفيد . وهو ما يفعله القليل جدا منهم. ولكن الغالبية يلعبون في "الموبايلات" خاصة وان معظم المقاهي توفر خدمات النت مجانا كوسيلة جذب الزبائن. ويدخنون الشيشة ويتراقصون مع نغمات الأغاني الهابطة . ويتبادلون الألفاظ القبيحة والحركات والاشارات المخلة.
غادرت المقهي مهموما وأنا أتساءل عن الأسباب التي جعلت من المقهي بديلا للمدرسة؟! وتتضح أبعاد أزمة التعليم في مصر إذا علمنا أن الطلاب مرتادي المقاهي من جميع المراحل التعليمية بما فيها المرحلة الابتدائية . ومن المدارس الحكومية والخاصة. وأتساءل أيضا عن حاضر ومستقبل بلد يعتمد فيه التعليم علي الدروس الخصوصية بينما المدارس مهجورة؟!
فالهم الأكبر الذي يجب أن يسيطر علي تفكير صناع القرار هو : كيف نعيد العملية التعليمية في مصر الي المسار الصحيح . بعدما تأكد قديما وحديثا أن التعليم هو العمود الفقري لتقدم الأمم وقوتها؟.
واذا كان التعليم هو العمود الفقري في تقدم الأمم فان المعلم هو العمود الفقري في أي عملية تعليمية. ويؤكد تلك الحقيقة الدكتور سعيد اسماعيل علي أستاذ أصول التربية بقوله : "أشارت التجارب والدراسات والبحوث إلي أنك يمكن أن تصل إلي أفضل النظم التربوية. وأبهج الكتب المدرسية. وأحكم المناهج والمقررات. ثم يأتي معلم سيئ التكوين. خبيث الطوية. ضحل المعرفة. ضيق الأفق. لينسف كل هذا¢. وجاء في تقرير منظمة اليونسكو الدولية : ¢يتفق خبراء التربية علي أن المعلم هو العنصر الأهم في العملية التعليمية. وأن إصلاح أحواله يعني إصلاح العملية التعليمية برمتها¢.
ونظرة إلي واقع المعلمين في مصر نجد أن غالبتهم يفتقرون إلي التأهيل اللازم ويتقاضون أجورا متدنية ويعانون من تراجع مكانتهم في المجتمع. ووصلني رسالة من أحد المعلمين المحترمين يقول فيها : "ياريت تتكلم مرة عن المعلم بقالي 32 سنة خدمة في التدريس وعامل زي التايه.. من عمل الي عمل آخر .. زهقنا بقي انا لو عامل اسانسير في اي بنك اشرف لي من النكد اللي بنشوفه كل يوم من حرق الاعصاب والمسئولية اللي في رقبتنا.. اين العدلپ وطالب لسه متخرج يتسلم أكثر من 10 آلاف في الشهر وانا بقالي 32 سنة باخد 2300 جنيه¢.
مستقبل بلدنا يحتاج إلي صناعة جيدة للمعلمين اللذين أحسن الدكتور سعيد اسماعيل علي بوصفهم بأنهم "بناة البشر" . وإعادة الإعتبار اليهم ماديا ومعنويا بين أفراد المجتمع كي يتفرغوا للتعليم وإعادة الطلاب إلي المدرسة
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف