بيوت الله فى الأرض المساجد وزوارها وعمارها .. ذلكم هو المعنى المعروف لحديث رسول الله المشهور .
وحكاية أرض الكنانة مع بيوت الله ، هى حكاية التاريخ والجغرافيا والعلم والفن والابداع والايمان .. يمكن أن تؤرخ لمصر .. وكذا الدول الاسلامية برصد تاريخ مساجد الله وسلاطينها وأولياؤها وفنون الابداع والحروب والعلم فيها .
عرفت القاهرة منذ زمن بمدينة الألف مئذنة وهى الآن مدينة الأربعة آلاف مئذنة .. احتضنت مصر مع الفتح الاسلامى أول مسجد فى أفريقيا وهى الآن تحتضن نحو 130 ألف مسجد جامع وزاوية ( ... ) !
فى اطلالة سريعة على مساجد الله فى أرض الكنانة نلاحظ :
1 - لبيوت الله " تصنيفات " ربما مثل تصنيفات البشر .. عندنا مساجد أثرية شديدة العراقة والاتساع مثل الأزهر وعمرو بن العاص وبن طولون .. وعندنا زوايا تمتلئ بعشرة مصلين أو يزيدون قليلا .. عندنا مساجد مفروشة ومكيفة ومساجد لم يتم تجهيز دورة المياة أو سقفها المتساقط منذ سنوات .. عندنا مساجد نسميها حكومية تابعة لوزارة الأوقاف ، وأخرى أثرية مملوكة لوزارة الآثار ، وثالثة تابعة للجمعيات ، ورابعة تابعة لبعض العائلات ، وخامسة بلا صاحب !
2 - المساجد فقدت أعظم مورد للصرف على أنشطة بيوت الله الدعوية والخدمية .. وأعنى به الوقف الخيرى الاسلامى ، وهو منبع عبقرى ، اقتصادى وانسانى ، يتم من ريع الوقف المتجدد الصرف على الدعاة والطلاب والخدام والتسليح لو احتاج الأمر .. فى الأربعينات كانت أراضى الوقف تمثل نحو 20 % من اجمالى أرض الوطن تم تأميم هذه الأراضى ، وفقدت شريحة من الناس الثقة فى مبدأ الوقف ، وصار المسجد بلا مورد وقفى ثابت .
3 - العشوائية التى ضربت البلاد فى معظم جوانب الحياة ضربت كذلك المساجد .. ولعل أغرب أثر لهذه العشوائية هو هذا القدر الكبير من الزوايا العشوائية التى انتشرت هنا وهناك ..!
العشوائية وفقد موارد الوقف ، جعل الدعاة فى أزمة مالية ، وجعل مسألة تجديد المكتبة مشكلة .. وأخشى أن يضاف الى هذا سدة نفس بعض الناس من التطوع فى الخير والصرف على بيوت الله .
4 - عمارة مساجد الله لن تتحقق بشكل واضح الا من خلال ثلاثة عناصر رئيسية :
الأول : المسلم المؤمن القانت العابد المجاهد ، الذى يبنى المسجد ولو بحجر صغير ، ويتأمل فيه بالذكر والدعاء ، ويخرج منه للعمل والبناء أو للدعوة والشهادة .
الثانى : الداعية الواثق من نفسه ، غنى النفس عزيز الجانب ، لديه ما يكفيه من مال وعلم ووقار ، لا يعيش فى هم على لقمة عيشه أو فى خوف على ما ينطق به لسانه .
الثالث : لابد من وضع تصميمات هندسية موحدة ، توضح سعة وشكل ووظيفة المسجد .. وهى أمنية بسيطة حققتها معظم دول الخليج .. ولكنها فيما يبدو صعبة عندنا ، لسبب بسيط وهو أن الفوضى والعشوائية ضربت كل قطاعات الحياة بما فيها بيوت الله ..!!