الجمهورية
ناصر عبد النبى
الخروج عن النص
من بديهيات العمل الإعلامي أن يكون العمل داخل البرنامج التليفزيوني جماعياً متكاملاً وألا ينفرد أحد عناصره بالسيطرة والهيمنة علي البرنامج. فالمذيع له دور والمعد له دور وكذلك المخرج ولكن انتشرت مؤخراً ظاهرة هيمنة المذيع أو مقدم البرنامج خاصة في برامج التوك شو والتي يشعر فيها المذيع بنجوميته وبالتالي يفرض سيطرته ويطغي علي باقي فريق العمل سواء في الإعداد أو الإخراج وأصبح مشهداً مكرراً أن نجد مقدم البرنامج يتحدث مع فريق الإعداد علي الهواء والمخرج ويعطونهم التعليمات وطبعاً بسبب اختلاط الأوراق وخوفاً علي لقمة العيش لأن المذيع يتحكم في اختيار فريق إعداد برنامجه ليحركهم كيفما شاء وكذلك المخرج وبالتالي أصبح المذيع مسيطراً ومهيمناً علي البرنامج.. ومن هنا أصبح الخروج عن النص سمة الإعلام المصري.. والمقصود هنا بالخروج عن النص هو النص المكتوب والمتفق عليه بين فريق الإعداد والمذيع قبل ظهوره علي الهواء وهو ما يعرف بالاسكربت والذي يتم طباعته وإعطاء نسخة منه للمذيع والأخري مع فريق الإعداد والثالثة مع المخرج ويتم الالتزام بتنفيذ الاسكربت إذا لم يجد جديداً علي الهواء سواء بحدوث حدث مهم أو متابعة خبرية أو غيرها من المستجدات.. وطالما تم الالتزام بالنص تسير الأمور بلا مشاكل ولكن هناك بعض مقدمي البرامج بمجرد ظهورهم علي الشاشة قد تطرأ علي خاطرهم خاطرة معينة يعتقدون أنهم من خلالها قد يحققون مكسباً معيناً أو يعتقدون أن خروجهم عن النص قد يضيف للبرنامج مثلما يفعل الممثل علي خشبة المسرح أملاً في انتزاع تصفيق وصيحات الجمهور والحقيقة أن الخروج عن النص علي خشبة المسرح ليس بنفس خطورة الخروج عن النص في برنامج تليفزيوني لأن المسرح جمهوره في الصالة محدود وهو معروف أن للمسرح جمهوره الخاص ومن هنا لا يحدث الخروج عن النص في المسرح نفس التأثير والخطورة علي الشاشة ومن هنا قد يتم تجاوز الخروج عن النص للممثل وقد يتجاوب معه الجمهور ويصفق له برغم أن هناك ممثلين كثيرين تسبب خروجهم عن النص في مشاكل وأزمات لهم في مسيرتهم الفنية ولكن رغم ذلك تسير الأمور ويتم تجاوزها أما الميكروفون أو الشاشة فهما محفوفان بالمخاطر والأزمات التي قد يصعب السيطرة عليها وقد تقال كلمة بحسن نية يتم تفسيرها بشكل آخر غير المقصود به وتتعقد الأمور مثلما حدث مؤخراً مع الإعلامي خيري رمضان في برنامج "مصر النهاردة" والذي دخل في أزمة بعد خروجه عن النص عندما فاجأ فريق الإعداد بما قاله علي الهواء في حق ظروف وأحوال ضباط الشرطة المعيشية وهو أمر خانه التوفيق في طرحه علي الهواء لأن هذا الطرح بهذه الطريقة قد يأتي بنتيجة عكسية وبالتالي كان الأجدي والأوقع استطلاع رأي زملائه من فريق الإعداد وطرح الموضوع للمناقشة قبل طرحه علي الهواء لبحث جميع جوانبه لأن اختلاف الرؤي يضيء الطريق ويصحح المسار لكن رمضان اتخذ قراره وفاجأ الجميع بتحمل المسئولية وحده.
عموماً هذا درس لكافة الإعلاميين بضرورة الالتزام بالقواعد الإعلامية ومهما بلغت الخبرة والنجومية فلا يجب أن يغرهم الأسماء البراقة لأن الهواء غدار وحتي يتم تجاوز غدره يجب الالتزام بالمعايير الإعلامية والسيطرة علي الانفعالات الشخصية وإعطاء كل عنصر من العناصر الإعلامية حقه وعدم الانفراد بالرأي والهيمنة علي البرنامج لأن الكلمة أمانة ومسئولية.. وقد شبه أستاذنا الإعلامي الكبير فهمي عمر في أحد حواراته الصحفية بعض الإعلاميين وطريقة حديثهم وكأنهم يتحدثون في سيرك وبعيدون كل البعد عن القيم الإذاعية والتليفزيونية الراسخة فالبرنامج يجب أن يكون علي مستوي من الإعلام لا تزيد فيه ولا خروج عن النص مضيفاً أن المذيع الآن يعتقد أنه تحول إلي زعيم أو فيلسوف أو منظر ويجب أن يسمع الناس لآرائهم وينفذونها وهذا ليس دورهم.
وهنا تبرز أهمية الإذاعة والتليفزيون المصري الذي مازال يحافظ علي قواعد العمل الإعلامي فدور المعد لا يتداخل مع المخرج أو مقدم البرنامج وبالتالي صنع هذا التعاون برامج ظلت خالدة في الذاكرة وإن كانت الفترة الأخيرة قد شهدت فوضي أيضاً في ماسبيرو وبعد أن لبس المخرج ثوب المعد وكذلك المذيع لتحقيق مكاسب مالية والوصول للسقف المالي وهو ما أثر علي مستوي البرامج لكن الحل في العودة لإسناد كل عمل لمن هو مؤهل له لتنضبط المنظومة الإعلامية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف