الوطن
د. محمود خليل
هيخرّجنا م الملة ابن الصهيونية..!
بعد سقوط 17 شهيداً وإصابة المئات على الحدود الغزاوية - الإسرائيلية فى مسيرة يوم الأرض خرج علينا «أفيخاى أدرعى» الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلى يعظ الفلسطينيين بـ«قال الفقهاء وقال الله ورسوله». «ابن الصهيونية» لم تعجبه مظاهرات الفلسطينيين المطالبين بتحرير أرضهم المغتصبة، ومن بينها مسيرة العودة، فما كان منه إلا أن استشهد بفتاوى بعض علماء الدين السعوديين، ثم شنّف آذاننا بآية من كتاب الله الكريم. بدأ «أدرعى» حديثه بالإشارة إلى فتوى الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، وقال إن المظاهرات والاعتصامات ليست من عمل المسلمين، ولا عرفت فى التاريخ الإسلامى، وأردف قائلاً إن هذه من أمور الكفار، وهى فوضى لا يرضى بها الإسلام، ثم عرّج على فتوى الشيخ ابن عثيمين، والتى ذكر فيها أن الاعتصامات والمظاهرات العنيفة شر، لأنها تؤدى إلى الفوضى. ثم ختم «حديث الجمعة» بالإشارة إلى الآية الكريمة التى تقول: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ».

كأن «ابن الصهيونية» يريد أن يصف مَن يشارك أو يؤيد المظاهرات ضد سلطة الاحتلال بالخروج عن ملة المسلمين. يعطينا درساً فى الإسلام، يستند فيه إلى فتاوى ترددت على لسان بعض المشايخ، دون أن يفهم أن بعضاً من مشايخ المسلمين يأخذون فقههم عن الحكام، وأن تورطهم فى هذا الأمر منشأه حماية الملوك والأمراء من غضب الشعوب ليس أكثر. ومؤكد أنهم لم يقصدوا المظاهرات التى تندلع ضد احتلال استيطانى غاشم اغتصب أرض الغير بغير وجه حق، ولا يجد غضاضة فى قتل أصحاب الأرض حين ينتفضون مطالبين بحقهم السليب. «أدرعى» أخذ من لسان المشايخ، وقال ليخاطب الناس بما ظن أنهم يؤمنون به. وواقع الحال أن الشعوب تمر على هذه الفتاوى ولا تكترث، لأنها تعلم أنها مسبوكة فى مصانع السياسة وليس الدين.

«أدرعى» يريد أن يتذاكى، لكنه مارس التذاكى بقدر فاضح من الجهل، شأنه شأن كل مَن يحاول التمحك بالدين لخدمة أهداف سياسية، وهى ممارسة معلومة بالضرورة فى عالمنا الإسلامى، فكثير من الحكومات تلجأ إلى الدين لتبرير التوجهات السياسية وتسويقها لدى المواطنين. هذه الممارسة واحد من العوامل التى تخلق التطرف والتشدد، لأنك عندما تحتج بالدين فستدفع غيرك إلى الرد عليك بالدين، إذا تحدثت عن أن المظاهرات ليست من عمل المسلمين، فسيبادرك خصمك بسرد عشرات الآيات القرآنية التى تحث المسلم على عدم الرضاء بالظلم الواقع عليه، وكذا الظلم الذى يشيع فى المجتمع، وإذا تعلق الأمر باليهود فسيسرد لك العديد من الآيات الكريمة التى تحثّ على جهادهم إذا اغتصبوا أرضاً مسلمة، بل إن الآية التى استدل بها «أدرعى» تعمل ضده لو فهم تأويلها، لكن عذره أنه جاهل. فالمقصود بـ«التَّهْلُكَة» فى الآية الكريمة «ترك الإنفاق فى سبيل الله». الآية الكريمة تقول: «وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ». فالآية تحث على الجهاد بالمال، وتصف ترك الجهاد على هذا المستوى بإلقاء النفس فى مهلكة، وبالتالى فهى تعمل عكس المعنى الذى أراده هذا الأدرعى. وبناء عليه ننصح أهالينا فى فلسطين بالدفاع عن حقهم فى أرضهم حتى لا يلقوا بأيديهم إلى التَّهْلُكة.. اسمعوا نصيحة عم الشيخ «أدرعى»!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف