أنور عبد اللطيف
درس «حسنى مبارك» لانتخابات ٢٠٢٢
مع بهجة تأكيد فوز الرئيس عبد الفتاح السيسى لفترة رئاسية ثانية، تذكرت إجابته على سؤال المذيعة ساندرا نشأت عن رؤساء مصر السابقين، وشهادته بوطنية عبد الناصر، وأن السادات كان سابق عصره فى السلام، وكان ينوى إصلاحا اقتصاديا لكن قدره أنه استشهد، وعندما وصل الدور على الرئيس الأسبق مبارك قال: إن التحدى داخل مصر كان أقوى من عبد الناصر والسادات ومبارك ومرسى وعبد الفتاح السيسى، لكن التحدى عمره ماهايكون أقوى من المصريين! وتذكرت أول حوار للرئيس الأسبق مبارك للصحافة بعد توليه منصبه..ونشر بالأهرام 23 و24 أكتوبر 1981 عقب اغتيال الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر. سأله إبراهيم نافع: سيادة الرئيس سبق أن صرحتم بأنكم لن تجمعوا بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وأنكم قد تجرون تعديلات فى عدد من المناصب القيادية وهو مالم يحدث حتى الآن، ما الذى جعلكم تصرفون النظر عن ذلك؟، وأجاب مبارك: تقديرى أنه ليست هناك ضرورة ملحة لاجراء عملية تغيير شاملة فى الوقت الراهن، فكل المسئولين يؤدون أعمالهم بكفاءة، أما منصب رئيس الوزراء فإن هذا الوضع سيستمر إلى أن تسنح الظروف ويتولى رئيس وزراء الجانب التنفيذى!
وعاد نافع يسأل: ومتى تختارون نائب الرئيس وما مصير رئاسة الحزب؟, وأجاب مبارك: رئاسة الحزب موضوع أفكر فيه (فأوحى للناس أنه لن يجمع بين الإثنين وسادت موجة من التفاؤل بأنه سيصير رئيسا لكل المصريين، لكنه فعل العكس وظل رئيسا للحزب الوطنى حتى تبخر مع آخر يوم فى حياة نظامه) أما عن منصب نائب الرئيس فقد قال مبارك: الموضوع يحتاج منى إلى تفكير عميق يسمح بالاستمرارية فى ضوء اعتبارات أقصى درجات الكفاءة وأعلى مراحل الالتزام!
ولم تمر أيام حتى وجد مبارك الشخصية التى (تصلح للجانب التنفيذى) واختار الدكتور فؤاد محيى الدين رئيسا للوزراء وظل يعمل معه حتى مات على مكتبه يرحمه الله، أما نائب الرئيس، فظل مبارك يبحث عن شخصية تتوافر فيها (أقصى درجات الكفاءة وأعلى مراحل الالتزام) لمدة 30 سنة حتى اضطر اليه بعد 25 يناير فاختار اللواء عمر سليمان نائبا للرئيس، ليفتح الباب يومها للعديد من التفسيرات، أولها ما الذى جعله يتجنب تعيين نائب مع أنه كان أول المستفيدين من وجوده نائبا للرئيس؟ وثانى التفسيرات التى أثارها تعيين عمر سليمان: أنه عينه ليحرق شعبيته الطاغية لمصلحة «الوريث» الذى لم يفقد الأمل فى الكرسى منذ انتخابات 2005 واستجاب لتعديل المواد التى تسمح بانتخاب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح وحق رؤساء الأحزاب وهيئاتها العليا فى الترشح، لذلك تم تصعيد «الوريث» ليصير رئيسا للجنة السياسات، وهكذا.. فإن وجوده نائب للرئيس أنقذنا من الفتنة. حدث ذلك عقب الوفاة المفاجئة للرئيس عبد الناصر، ورغم أنف مراكز القوى انتقال السلطة تم بشرعية وجود أنور السادات نائب للرئيس!. وعندما ارتدت سهام عصابات الإرهاب والتطرف إلى صدر الرئيس «المؤمن»، واغتيل السادات لم ينقذ البلاد من الفتن التى كانت بروفة للانقضاض على الحكم ـ قبل 25 يناير بـ 30 سنة ـ إلا وجود «نائب» الرئيس وهو مبارك. ورغم أنه لم يجد الشخص الذى تتوافر فيه «الكفاءة وأعلى مراحل الالتزام» طيلة ثلاثين سنة، لكنه اختار «جمال» لهذا الدور لأنه «يساعدنى فى بعض المهام» ولكى يتم التوريث بطريقة ديموقراطية، وليس بقرار «طائفى» كما فعل حافظ الأسد مع بشار و«لأن مصر ليست سوريا»..! وعندما جاء الرئيس الإخوانى محمد مرسى عين المستشار محمود مكى نائبا لرئيس الجمهورية فى أغسطس 2012 لكن الرجل قدم استقالته عندما اكتشف أنه لا يستطيع أن يكون نائبا لـ «مكتب الإرشاد بالكامل» وأن الرئيس ونائبه بلا عمل، وعندما تأزمت الأمور بين الشعب والحكم الاخوانى كان من بين الحلول التى طرحها «وزير الدفاع» وقتها انتخابات رئاسية مبكرة، وترك الحكم لنائب يختاره الرئيس، لكن الجماعة ومَن وراءها أقنعوا مرسى «أن شرعيته دونها الرقاب»!... وأعود إلى بهجة الإعلان الرسمى عن فوز الرئيس لفترة رئاسية ثانية، أتأمل الضرورات التى تنتظره للانطلاق بثقة نحو المستقبل، وأرى أولها: مكافأة صمود المصريين ـ البسطاء قبل الأغنياء ـ بعوائد المشروعات الضخمة والقرارات الصعبة فى الفترة الأولى. الضرورة الثانية: التسليم بأن العبرة ليست بطول المدة، ولكن بما يبقى بعد الخواتيم، وبعد قيادته ثورة ٣٠ يونيو لابد من تنشيط سلطات الدولة التشريعية والقضائية لأداء دورها مع السلطة التنفيذية، وتفعيل مواد الدستور بقوانين فى مجالات الصحة والبحث العلمى وحرية الإبتكار. وثالثها، إصلاح الحياة السياسية بتنقية الأحزاب وتأهيلها وتشجيعها لتنافس بأمل الوصول للحكم، بقى أمام الرئيس، ترجمة «تحيا مصر» إلى تنظيم سياسى فى الشارع لتفريخ «نواب» وقيادات جديرة بكسب تأييد المصريين عند التحدى فى ٢٠٢٢!