** اختار الشعب الاستقرار.. وأعطي للرئيس السيسي ولاية ثانية.. لتبدأ مرحلة جديدة يتطلع فيها المصريون إلي القفز بخطوات واسعة نحو المستقبل للحاق بركب التقدم وتعويض ما فاتهم في العقود الماضية التي ابتعدوا خلالها عن المكانة المفروض أن تصل إليها بلادهم.. بما تملكه من تاريخ وإمكانيات وشعب يستطيع أن يحقق المستحيل لو توافرت له القدوة والقيادة والإرادة.
.. وحتي يتحقق ما يصبو إليه الجميع. فالوطن في حاجة إلي صياغة جديدة للمستقبل تتكامل فيها رؤية القيادة مع الحكومة مع الشعب للاتفاق علي خارطة طريق يعمل فيها الجميع يداً واحدة. ولا يبخل أي فرد بجهده وعرقه وفكره في سبيل استعادة مصر لمكانتها عربياً وإقليمياً ودولياً.
ناقشنا في المقال السابق الجانب الاقتصادي وكيفية الوصول إلي نسب نمو تعوض ما فات. وتقلل من التضخم والبطالة وتزيد الاستثمارات وتحقق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتي في الغذاء وفي صناعة السلع والمنتجات للاستغناء عن الاستيراد والسيطرة علي الأسواق وخفض الأسعار. لإنهاء موجات الغلاء التي أرهقت كاهل الشعب. الذي صبر وتحمل من أجل بناء الوطن.
قلنا إذا أردنا تحقيق النهضة واستعادة الشخصية المصرية المفقودة. فليس أمامنا سوي الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي.. والبداية يجب أن تكون من الحضانة والمدارس الابتدائية.. ونعلم أن ذلك يحتاج جهداً كبيراً. وإلي ميزانيات ضخمة. وأن نتائجه لن تظهر إلا بعد سنوات قد تصل إلي عقد أو عقدين.. ولكن لا مناص من السير في هذا الطريق. إذا أردنا إنقاذ الوطن واللحاق بركب التقدم.. فلا نجاح لأي خطط أو استراتيجيات للمستقبل سوي بالتعليم الجيد الذي يقوم علي استخدام العقل والمنطق واتباع الأساليب الحديثة في نقل المواد والنظريات العلمية التي تعتمد علي المشاركة والحوار والتفكير والابتكار. وتشجع المواهب وزرع الثقة في النفوس بدلاً من الحفظ والتلقين.. فنحن لا نريد خلق "اسطمبات" ولا جعل الناس "ببغاوات" تردد ما أمامها أو "ترطُن" بالكلام المسطور في المناهج.. ولكن المطلوب من يناقش ويقترح البدائل ويصر علي رأيه الذي يعتقد أنه صحيح حتي يتبين له العكس.. بالإضافة إلي ضرورة قيام التلاميذ والطلاب بالنشاط الرياضي والثقافي والفني والتواصل مع مجتمعهم من خلال فعاليات الخدمة البيئية وتحسين أوضاع مدارسهم وأحيائهم.. والأهم التركيز علي بناء الإنسان نفسياً وروحياً ودينياً مع بناء العقول والأجسام.. ولابد من الالتزام بالعادات والتقاليد الأصيلة والصحيحة التي تناقلها المصريون عبر السنين واستقرت في وجدان الأجيال. والتي ضاعت منا للأسف في السنوات الأخيرة.
والأهم أن نسعي خلال الفترة القادمة إلي أن نمحو العار الذي يلازمنا. ونحن في القرن الحادي والعشرين بوجود أمية تبلغ 25.8% من الذين فوق العشر سنوات. أي أن رُبْع المواطنين لا يقرأون ولا يكتبون.. ولا أدري هل كان استمرار ذلك نتيجة لفشل الحكومات المتعاقبة في اتباع سياسات سليمة لمحو الأمية أم أنه لم تكن لديها الإرادة الحقيقية في التخلص من الجهل. ليبقي عدم الوعي لدي رُبْع الشعب ويسهل قيادتهم؟!!
.. وإذا كان التعليم ضرورياً لأمة في خطر.. فإن مراعاة البعد الاجتماعي هو أكبر ضمان لبقاء هذه الأمة. وعدم انهيارها. وتفككها.. ومن الضروري علي الحكومة الجديدة التي ستعلن قريباً.. "أو علي الأقل سيكون هناك تعديل وزاري موسع".. أن تجعل مهمتها العاجلة هي "منح قبلة حياة" للبسطاء. وضخ حِزَمْ جديدة وسريعة من برامج الحماية الاجتماعية. بعد أن تَيَبَسَّتْ عروقهم وجفت جيوبهم.. وأصبح من الضروري الوقوف بجانب هذه الطبقات التي تحملت العبء الأكبر في مسيرة الإصلاح الاقتصادي علي الأقل لرد جميل وقوفها مع الدولة.. فمن ينسي الأمهات المعيلات وأصحاب المعاشات؟!.. وإذا لم تنظر الحكومة لذوي الدخول الضعيفة والمتدنية.. فلمن ستعطي الأولوية؟!!
من المهم توفير العلاج بصورة كريمة لكل المواطنين. خاصة من لا يستطيعون تدبير مصاريف الدواء والمستشفيات. وذلك بزيادة أعداد المستفيدين من قرارات العلاج علي نفقة الدولة. وتوسيع دائرة الأمراض التي تشملها لحين تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل علي الجميع.
من الأساسيات المطلوب توافرها الاستمرار في سياسة الإسكان الاجتماعي وبناء الشقق الاقتصادية والانتهاء من إزالة المناطق العشوائية الخطرة. ثم باقي العشوائيات.. وللأمانة فإن ما قامت به الدولة في هذا الشأن يعتبر من أهم الإنجازات في الأعوام الأربعة الماضية.
أعتقد أن الجانب الاجتماعي سيستحوذ علي اهتمام الحكومة الجديدة في المرحلة القادمة وستراعي البسطاء أكثر. وتضخ لهم حزماً من الحماية الاجتماعية وستكون هناك نظرة لأصحاب الدخول الضعيفة. وكذلك الاهتمام بتقديم العلاج للمرضي وعدم التراجع عن مشروع التأمين الصحي الشامل. وليتها تسرع بسنوات التنفيذ لتقل عن 15 عاماً.. والأهم أن تقل مظاهر الإسراف والبذخ. وأن تعمل الحكومة علي ترشيد الإنفاق.
المواطن أيضاً عليه أن يعمل ويجتهد ولا يركن إلي السلبية.. ولا ينجب إلا بقدر ما يستطيع أن ينفق علي أطفاله.. فليس من المعقول أن يأتي بأولاد ويترك تربيتهم للشارع. أو يموتوا جوعاً. أو يشحذ عليهم!!
قد يكون الكلام قاسياً.. ولكن علينا أن نغير كثيراً من عاداتنا السيئة لنساعد أنفسنا قبل أن نساهم في بناء بلادنا.
.. يتبقي أن نتحدث عن مستقبل الحياة السياسية التي يتطلع المصريون إليها.. وهو ما نتناوله في مقال قادم بإذن الله. إذا كان في العمر بقية. خاصة بعد الإشارة الإيجابية التي جاءت في كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي بعد إعلان نتيجة الانتخابات. والتي قال فيها: "مصر تسع كل المصريين.. مادام الاختلاف لا يفسد للوطن قضية".. وأضاف: "لعل العمل علي زيادة المساحات المشتركة بين المصريين سيكون من أولويات أجندة العمل الوطني خلال المرحلة المقبلة".
أصحاب المعاشات .. في جحيم!!
** الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري. "الدائرة 11 جزاءات" برئاسة المستشار عبدالله عبدالنبي.. بإضافة نسبة 80% من قيمة 5 علاوات إلي الأجر المتغير لأصحاب المعاشات. أسعد أكثر من 10 ملايين أسرة.. أصبح كل أملهم في الحياة أن يحصلوا علي أبسط حقوقهم. بزيادة معاشاتهم ببضعة جنيهات تعينهم علي قسوة المعيشة وغلاء الأسعار. خاصة أن أغلبهم من ذوي الأمراض الذين ينفقون أغلب دخلهم علي العلاج والأدوية والذهاب إلي الأطباء والمستشفيات.
للأسف الشديد.. مازالت الحكومة تماطل في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوي التي أقامها البدري فرغلي ممثلاً لأرباب المعاشات. بل هناك من المسئولين مَن يدعو إلي الطعن. وتحويل القضية إلي المحكمة الإدارية العليا لاكتساب الوقت!!!... وآخرون يقنعون الحكومة بعدم تعميم الحكم. ومطالبة كل صاحب معاش برفع قضية منفصلة حتي يحصل علي حقه. مما يستنزف جهد وأموال المواطنين البسطاء ويدخلهم في متاهات المحاكم ويجعلهم يصرفون ما ينتظرونه من زيادة علي المحامين.. فهل هناك من يخلصهم من جحيم ومرارة وقسوة الأيام؟!!
لا أدري.. لماذا لا تنظر الحكومة هذه الفرصة للتخفيف من معاناة أصحاب المعاشات.. ولو من باب جعل المواطنين يصدقون أنها حريصة علي دعم محدودي الدخل. وأنهم الفئة الأولي بالرعاية؟!.. أو علي الأقل لتثبت للجميع أنها أول مَن ينفذ القانون. ويرضخ لأحكام القضاء. خاصة وأن الحكم الصادر من المفترض أن ينفذ بمسودته. ولا يحتاج إلي إعلان.. كما أن حيثياته تستند للمنطق والقانون والدستور.. فهل تسعد هذه الحكومة في أواخر أيامها 10 ملايين أسرة.. أم عليهم انتظار حكومة جديدة تنصفهم؟!!!