الأهرام
عبد الرحمن سعد
ماذا أعد الله لقارئ القرآن؟
القرآن شفاء للنفس، وراحة للصدر، وجلاء للحزن، وهو كتاب طمأنينة وأمان، ورحمة من كل ضيق ونكد. ليس هذا فقط بل أعدَّ الله، سبحانه وتعالى، لقارئه، العامل به، جوائز كثيرة، في الدنيا والآخرة. قال، عزَّ مِن قائل: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا". (الإسراء: 82).
وابتداء فإن قارئ القرآن، المُعَلِّمَ له؛ من خيار الناس، لحديث عُثْمَانَ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ، وَعَلَّمَهُ". (البخاري).

ويفوز قارئ القرآن بحسنات كثيرة، ففي حديث عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، قَالَ: "قال رَسُولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ". (رواه البخاري في "التاريخ"، وصحَّحه الألباني في "صحيح الجامع").

وينال قارئ القرآن حُبَّ الله عز وجل، فعَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِ"قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ"، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟"، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: "أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ". (البخاري ومسلم).

وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَلْيَقْرَأ فِي الْمُصْحَفِ". (حسَّنه الألباني في "صحيح الجامع").

ويُحشرَ "الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ" مع "السفرة الكرام البررة". فعَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم: "الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ؛ لَهُ أَجْرَانِ". (مسلم).

ويظفر قارئ القرآن بشفاعة القرآن له يوم القيامة، لحديث أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ، رضي الله عنه، قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ". (مسلم).

وفي الجنة يتمتع قارئ القرآن بمنزلة كبيرة، لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: "يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ، فَيَقْرَأُ وَيَصْعَدُ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً، حَتَّى يَقْرَأَ آخِرَ شَيْءٍ مَعَهُ". (قال الأرناؤوط: صحيح لغيره).

ودرجة قارئ القرآن من الجنة عند آخر آية يقرؤها، لحديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة, حتى يقرأ آخر شيء معه". (صحيح الجامع والسلسلة الصحيحة).

ويلبس قارئ القرآن يوم القيامة تاجا من نور، ومعه والداه، إكراما له؛ لحديث بُريدة الأسلمي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآن, وتعلمه, وعمل به, أُلبس يوم القيامة تاجا من نور, ضوءه مثل ضوء الشمس، ويُكسى والداه حلتان, لا تقوم بهما الدنيا, فيقولان: بم كُسينا هذا؟, فيقال: بأخذ ولدكما القرآن". (صحيح الترغيب والترهيب).

وعلاوة على ذلك، لا تمس النار صاحب القرآن، العامل به، يوم القيامة، فعن عقبة بن عامر الجهني، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لو أن القرآن جُعل في إهاب (جلد), ثم أُلقي في النار ما احترق". تساءل العلماء: "كيف لو كان القرآن في صدر إنسان, فهل ستحرقه النار يوم القيامة؟". (صحيح الجامع, والصحيحة).

وفي حياته لا يُرَّدَ قارئ القرآن إلى أرذل العمر، ولا يصيبه "الزهايمر" أو الخَرَفُ، إلا أن يشاء الله. قال ابن عباس، رضي الله عنهما: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ "لِكَيْلَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا". (النحل:70)، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: "ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا". (التين: 5 و6). (صحيح الترغيب والترهيب).

وبَيْنَ الناس، تجعل قراءة القرآن صاحبها مصدر غبطة، وتمني ما هو عليه، فعن عبد الله بن عمر، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن, فهو يتلوه آناء (ساعات) الليل وآناء النهار، فسمعه جار له, فقال: ليتني أوتيتُ مثل ما أُوتي فلان, فعملت مثل ما يعمل، ورجل أعطاه الله مالا, فهو يتصدق به آناء الليل والنهار، فقال رجل: ليتني أوتيتُ مثل ما أُوتي فلان, فعملت مثل ما يعمل ".(البخاري).

وأخيرا، عند موته، يُقدم قارئ القرآن إلى القبر، قبل غيره، لحديث جابر بن عبدالله، رضي الله عنهما، أنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يجمع بين الرَّجلَين من قَتْلى أُحد، ثم يقول: "أيُّهما أكثرُ أخْذًا للقرآن؟"، فإن أُشير إلى أحدهما قدَّمه في اللَّحْد. (رواه البخاري).
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف