الأنبا ارميا
مباديء بداية لا تعرف نهاية!
يوافق غدًا الأحد احتفال أقباط "مِصر" بـ"عيد القيامة". والقيامة هي إحدي علامات محبة الله للإنسان.
لقد أحبه فأوجده ووهب له الحياة وجعله خالدًا يحيا إلي الأبد. وفي محبة الله للإنسان، أعد له الكون والأرض وكل سمات الحياة من حوله، ثم خلقه ليعمل الأرض ويصونها ويكون قائدًا للخليقة، ومنحه الحرية ليختار إما الاستمرار معه وإما الانفصال عنه؛ وهٰكذا صارت الحياة مسئولية عظمي يحمل نتيجتها الإنسان إذ إنها تعد الطريق لتلك الحياة الأبدية التي يصل إليها بعد عبوره الموت الذي صار مجرد جسر يتغير فيه الإنسان من حياة الأرض إلي حياة السماء: كل واحد بحسب ما قدم فيها أخَيرًا كان أم شرًّا. وهٰكذا صارت القيامة علامة حب إذ هي بَدء حياته الأبدية التي لا تنتهي.
لٰكننا نتساءل: إن كانت القيامة والخلود الذي يتبعها هما من علامات محبة الله للإنسان، فلماذا ينكر بعض البشر وجودها ظانين الموت نهاية الإنسان وعودة إلي العدم؟! لقد كتب أحدهم: "سنموت، وستموت أفكارنا وأحلامنا ومعتقداتنا معنا، وسنعود إلي حيث كنا قبل أن نكون. سنعود لنفس المكان الذي كنا فيه عندما كانت الديناصورات تتجول علي الأرض ... هل تذكر أين كنت حينذاك؟ تمامًا ... بكل بساطة لم نكُن ... ولن نكُون بعد أن نموت.". وفي الوقت نفسه، نري هٰؤلاء عاجزين أمام قضية موت الإنسان وما يتبعه من تغير أومن حياة فتظل الأسئلة تتردد: عن الموت وماهيته، وما بعده، وعن الحال إذا اكتشف الإنسان وجود الله بعد الموت؛ ولا إجابة لديهم سوي أن الإنسان لن يكون له وجود! إن تلك الحَِيرة هي نابعة بالدرجة الأولي من رفض أولٰئك الأشخاص لحقيقة وجود الله ـ تبارك اسمه؛ إذ تتمثل في مخيلتهم صورة بغيضة رسمتها أذهانهم عن إلٰه قاسٍ لا يرغب إلا في الانتقام من البشر والسيطرة علي حياتهم كي يصبحوا كدُمًي في يديه!! ومن الممكن أن بعضهم يرَوا ما يحيق بالعالم من حروب ومجاعات، وما يعبر بهم هم أنفسهم من آلام؛ فقرروا رفض وجود الله؛ وفي ذٰلك كله، أرادوا دون أن يدروا أن يسلُبوا الإنسان إحدي هبات الله له وهي الحرية، ومن ثَم يتخلصون من مسئوليتهم كل عن حياته واختياراته وقراراته، وعن دوره في رفض الشر والسعي نحوالخير بل مساعدة كل نفس متألمة ومتعبة؛ في ظنهم أنه أيسر لهم أن يكون الموت نهاية من أن تكون الحياة مسئولية!! ولٰكن تأتي القيامة ناقوسًا يدق في كل مكان وزمان معلنًا أن الحياة تظل بداية لا تعرف نهاية!