الأخبار
محمد درويش
نقطة في بحر - إقرار بالموت
في عهد الراحل د. عبدالرحيم شحاتة محافظ القاهرة من ١٩٩٧ إلي ٢٠٠٤ انهارت عمارة في شارع عباس العقاد اثر حريق في محل كبير، بذل رجال الاطفاء جهدا كبيرا حتي استشهد منهم أكثر من عشرة ضباط وصف ضابط بعد أن هرع السكان إلي الشارع بمجرد بدء الحريق.
علي اثر ذلك قامت لجان هندسية من المحافظة والحي وأيضا مركز بحوث البناء بمراجعة العمارات التي مازالت تحت الانشاء وكان من بين قراراتها هدم عمارة حتي سطح الأرض بطوابقها الخمسة عشر كان موقعها امتداد لشارع الطيران.
د. شحاتة الذي كلّف شركة المقاولين العرب بهدم العقار ودفع لها ٦٠٠ ألف جنيه نظير ذلك، لجأ إلي القضاء يطالب صاحب العقار بدفع تكلفة الهدم، أي انه كان موت وخراب ديار بالنسبة للمالك ولكن في نفس الوقت لم تظهر بعدها حالة واحدة مخالفة في هذا الحي المعروف كغيره من أحياء القاهرة بالمخالفات البنائية الصارخة.
أسوق هذا المثال وأنا أطالع حادث انهيار عقار محطة الرمل بالاسكندرية، وأقرأ تصريحات المحافظ بأن العقار الذي تم بناؤه عام ١٩٧٣ وبالطبع لم يكن التمليك قد عرف طريقه إلي سوق العقارات المصري فإن صاحبه عرض وحداته للايجار وبعد الطفرة التي جعلت القيمة الايجارية لا تساوي شيئا، لجأ الرجل في التسعينيات إلي بناء طابقين آخرين دون ترخيص، الحي الذي سكت علي البناء المخالف »ستف»‬ أوراقه وقام مهندسوه منذ عدة أشهر فقط بعد شكاوي السكان بفحص العقار وقرروا هدم الطابقين السادس والسابع وترميم باقي العقار.
القانون هنا يلزم مالك العقار بالترميم وطبعا أمر مستحيل أن يتكبد مالك عقار قديم تكلفة الترميم من عقار لا يجيء منه إلا جنيهات معدودة.
خاف من خاف من سكان العقار وغادروه خوفا علي حياتهم، أما من لا حول له ولا قوة ولم تعرض عليه المحافظة البديل طبقا للقانون في حالات الاخلاء الإداري فظل في شقته ولم تملك المحافظة ازاء الاصرار إلا أن يوقع من رفض المغادرة علي أن استمراره في التواجد علي مسئوليته الشخصية أي إنه وقع علي إقرار بالموت.
هنا نفضت المحافظة يدها عن الموضوع وتركت العقار دون تنفيذ قرار هدم الطابقين وترميم الخمسة الآخرين.
انهيار عقار الاسكندرية الذي لم يمض علي انشائه سوي ٤٥ عاما يفتح ملف العقارات القديمة في زمام المحروسة، وتعالوا نعترف أن الدولة لا تملك القدرة علي اخلائها ولا تستطيع تعويض أصحابها بوحدات بديلة، ويوم السعد للمالك إذا ما انهار العقار القديم ذو القيمة الايجارية البسيطة ليقيم مكانه برجا عظيما يحقق له ملايين الجنيهات مكسبا.
الملف معقد ومتشابك ونستكمله في مقال آخر بالاحصائيات حول العقارات القديمة الآيلة للسقوط وهل من حل؟

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف