الأخبار
كرم جبر
المصالحة بين «العاطفي» و »المتعاطف«!
نسينا الأحداث الجسام والأيام السوداء التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة، وتنتشر الآن نغمات تحريضية لصناعة الإحباط، والعودة بالبلاد إلي أجواء التخبط، ونسينا أن الوطن في أمس الحاجة للاصطفاف واللحمة، وأن الضغوط الخارجية والداخلية وصلت ذروتها، لضرب قدرة الناس علي الصبر والتحمل، ونسينا أن أي دولة أخري لو تعرضت لما تعرضت له مصر ما تمكنت من الصمود، ونسينا هؤلاء الأبطال الصامدين الذين يدفعون عنا الشر والبلاء.
خط الدفاع الأول عن مصر هم هؤلاء الرجال، الذين يحاربون الإرهاب، ويسقط منهم شهداء أبرار علي أيدي أحط أنواع الإرهاب، ووصلت رسالتهم للعالم بأن الإرهاب لا يستهدف مصر وحدها بل البشرية جمعاء، ونضرب روحهم المعنوية بالأحاديث المشبوهة عن المصالحة مع المتعاطفين، مبادرات ظاهرها الخوف المزعوم علي البلد، وباطنها إعلام لا يخدم إلا مصالحه الشخصية، ويتلون حسب طبيعة المرحلة، ويطفو علي السطح مع أي نظام، مغلفاً دعاوي المصالحة ببريق زائف.
هل ظهرت علي »العاطفي»‬ أو »‬المتعاطف» مع الإخوان أي بوادر للتراجع عن أفكار التطرف والإرهاب؟.. وطبقاً للمعاملة بالمثل لابد أن نكون عاطفيين مع المتعاطفين، فنفتح قنوات التفاوض مع المتشددين في الكنيسة أسوة بالمتعاطفين مع الإخوان، وهلم جرا المتعاطفين مع 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين وغيرهم من الفصائل، لنصل في النهاية إلي دولة قانونها المتعاطفون، وأقوي ما فيها العاطفي، وتفصَّل أحكاماً ومبادرات ومصالحات لكل جماعة علي حدة بفزاعة الخوف من الانفجار القادم، مع أن ما يطرحونه هو الانفجار بعينه، ولا يحمي الدولة إلا وقوف الجميع تحت مظلة واحدة، وليس مظلات علي شاطئ المصالحات.
نحتمي في بيوتنا من صقيع الشتاء القارس، وفي سيناء رجال شرفاء يواجهون الطقس السيئ في الأماكن المكشوفة والعارية، دون دفايات أو بطانيات أو جدران، وما أدراك ما برد سيناء والصحراء، أول من يستحقون التحية والثناء، وحقهم علينا أن نقف خلفهم ونشد أزرهم، وهم الغطاء الذي يحمي الوطن، ويدفع عنا الشر والتآمر والخيانة، جنوداً وضباطاً لا يذوقون طعم الراحة، ولا يعرف النوم عيونهم.. ولا يجب أن نصدم مشاعرهم بدعاوي المصالحة التي تهدر الجهود والتضحيات، وتصدم المشاعر والحماس.
هؤلاء الرجال هم الذين أنقذوا شعباً من المصير المؤلم لشعوب أخري، ولولاهم كان يمكن أن ننام جميعاً في البرد والصقيع، ونتشرد في البحار والبلدان والخيام، وكنا الدولة رقم واحد علي قائمة المؤامرة، لأنهم يعلمون أن مصر هي قلب المنطقة، ولا يكتمل الجحيم العربي إلا بإسقاطها وتشريد شعبها، ليس الآن فقط بل علي مدي التاريخ، وأبرز الأمثلة ضرب محمد علي وجمال عبد الناصر، حتي لا تقوم في الشرق دولة قوية، تخرج منها إشارات عودة الروح لكل دول وشعوب المنطقة.
إنها مصر، الدولة والأرض والشعب، التي حفظها الله وأنقذها من الضياع، لم تتفكك وظلت متماسكة، رغم التآمر والغدر والخيانة ومحاولات تركيعها.. وظلت كذلك لأن شعبها آمن بالله والوطن، وأن تلك الجماعة الإرهابية، توظف الدين لسرقة الوطن، وعليه فإن المبادرة العاطفية مع المتعاطفين هي شق للصف، وتفتيت الإجماع، وضرب العزيمة.
تحية لأبطال القوات المسلحة ورجال الأمن، ولدينا ثقة كبيرة في قدرتهم علي الذود عن البلاد، وخلفهم ملايين المصريين المؤمنين بأنها »‬شدّة وتزول».. ولا يستمعون أبداً لمن يغرِّد خارج السرب.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف