الأخبار
نبيل زكى
من يحمي مرتكبي المجازر؟
كلمة السر

كان المشهد احتجاجياً سلمياً بامتياز.
مجرد احتجاج يهدف إلي إعلان تمسك الفلسطينيين بحق العودة إلي بيوتهم وقراهم التي تم إرغامهم علي تركها والنزوح منها عام ١٩٤٨. وأعد الفلسطينيون، بهذه المناسبة، عدة مخيمات ومنصات للحوار بالقرب من الحدود.. من بيت حانون إلي رفح.
غير أن دولة الاحتلال أعدت الدبابات والطائرات بدون طيار ومئات القناصة ونوعاً غريباً من قنابل الغاز السام تصيب الضحايا بحالات غريبة من التقيؤ والتشنج والاختناق والهلوسة!
والنتيجة: مجزرتان دمويتان.. الأولي يوم الجمعة ٣٠ مارس، والثانية يوم الجمعة الماضي (٦ إبريل) وسقوط ثلاثين شهيداً فلسطينياً و٢٧٦٩ جريحاً.. بعضهم في حالة خطيرة.
فقد استخدم جنود الاحتلال الرصاص الحي لقتل الفلسطينيين، حتي وهم داخل أرضهم، لأنهم أرادوا التعبير عن حقهم في الحرية والعدل والحياة. كما لو كان لجيش الاحتلال سلطة منع المظاهرات في أرض خارج حدود دولته، بل إن هذا الجيش وجه تهديداً لسائقي الحافلات حتي لا ينقلوا المحتجين إلي منطقة لا تحتلها إسرائيل أو انتهي احتلالها لها.. منذ زمن.
هذا جيش فقد كل ما من شأنه أن يكبح جماحه ـ علي حد تعبير الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي ـ بل سقط ـ كما يقول ـ إلي الدرك الأسفل وسط اللامبالاة المرضية من جانب الرأي العام الإسرائيلي.. إلا واحداً يعمل موظفاً كتب في مدونته في وسائل التواصل الاجتماعي ليقول إنه يشعر بالخجل لكونه إسرائيلياً بعد هذه المجزرة. وكوفئ هذا الموظف علي صحوة ضميره.. بفصله من عمله! كذلك نستثني من اللامبالين ٣٠٠ شخص تظاهروا في تل أبيب احتجاجا علي القمع الهمجي لمواطنين فلسطينيين عزل يمارسون حقهم في الاحتجاج السلمي.
يقول جدعون ليڤی: »قتل الفلسطينيين.. مسألة عادية مقبولة، ينظر إليها الإسرائيليون باستخفاف.. ولا تستحق اهتماماً أكثر مما يحدث في حالة قتل البعوض.. فليس هناك في إسرائيل من هو أرخص من دماء الفلسطيني»‬.
هكذا استخدم الجيش الإسرائيلي طائرة بدون طيار لقتل المتظاهرين كما قتل أشخاصاً كانوا يختمون صلاتهم.
و»‬جريمة» الفلسطينيين أنهم كانوا يؤكدون علي الصلة بين الأرض والإنسان وينسفون الخرافة الصهيونية عن فلسطين باعتبارها »‬أرض بلا شعب». وتصرف الإسرائيليون مثل اللص عندما يفقد أعصابه إذا واجه المالك للأرض وصاحب الحق.
ومرة أخري.. نجد أنفسنا بإزاء إدارة أمريكية تقدم نفسها باعتبارها الحامية لمرتكبي المجازر، وتحبط ـ للمرة الثانية ـ محاولة كويتية في مجلس الأمن لإصدار بيان يدعو إلي تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في جرائم إسرائيل رغم أن الدول الأربع عشرة الأخري الأعضاء في المجلس كانت علي استعداد للموافقة علي البيان عقب أحداث ٣٠ مارس. وتكرر الموقف الأمريكي المدافع عن المذابح عقب المجزرة الثانية يوم الجمعة الماضية.
هكذا تكون »‬الديمقراطية» الأمريكية: إطلاق الرصاص الحي وقتل من يمارس الاحتجاج السلمي، بما في ذلك الصحفي الفلسطيني ياسر مرتجي وإصابة ٦ صحفيين آخرين أثناء تغطيتهم لمسيرة العودة.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف