فهمى السيد
عندما يصبح الابوان يتيمين؟
تحتفي كل عام الدولة المصرية بعيد الام ومن خلفه الاب ثم يأتي الاحتفاء بعيد الاسرة ومنذ أيام كان الاحتفال بيوم اليتيم ، معان إنسانية رقيقة ونبيلة دعانا اليها ديننا الحنيف وهذب أخلاقنا من أجلها المولي الكريم، حولناها الي مجرد أعياد صماء جوفاء جرداء لا خير فيها ولا جزاء،نحتفي بيوم اليتيم وذلك شئ بديع وننسي فئة من أرقي وأجل خلقه تعالي أصبحوا يتماء بفعل جحود ونكران ابنائهم لهما وهما الابوان.
الايتام الجدد في هذا الزمان العجيب هما الاب والام الذي قال الله في حقهما "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" وقال تعالى وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً" وقوله تعالي "وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" وقوله "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"
وزاد المولي العلي القدير في الاحسان الي الوالدين وحسن معاملتهما وصحبتهما بالمعروف "وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ َلاَ تُطِعْهُمَا وصاحبهما في الدنيا معروفا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" والدعاء لهما علي لسان نبيه نوح" رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ " والبر بهما علي لسان نبيه عيسي" وَأَوْصَانِيِ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا".
القران الكريم ملئ بالايات التي تعلمنا فضل الاباء وتحثنا علي البر والاحسان اليهما خاصة في مرضهما او بلوغ احدهما او كلاهما الكبر ولايتسع المقام لذكرها تفصيلا لكن ما يحدث هذه الايام لامر جلل وخطير ومرعب شكلا ومضمونا عندما يتنكر الأبناء للاباء ليس في حسن معاملتهما بل في التطاول عليهما وايذائهما بسبابهما وضربهما وطردهما ليتسولا في الشوارع طلبا للاكل وبحثا عن مأوي للنوم.
النماذج كثيرة ومتعددة علي سوء معاملة الابناء لوالديهم في الكبر بل وفي غير الكبر خاصة عندما يتزوج الابن وتسيطر عليه زوجته وتجتهد في سعيها لكي يتخلي بداية عن اخوته بنين وبنات، وعندما تنجح خطتها الشيطانية في ثوب الزوجة الملائكية تكيد لوالديه حتي يتخلي عنهما،ويصبح الابن الذي كان بارا بوالديه عديم الرحمة وتنتهي كل صلات الرحم بينه وبين إخوته.
أعرف نموذجا ذا منصب رفيع باحدي الشركات التي يتعدي دخل الفرد فيها بالالاف وميسور الحال شقته بأرقي المواقع علي نيل القاهرة والسيارة الملاكي وغيرها مما يملك من مقومات الحياة الرغدة، استطاعت زوجته أن تنزع ما تبقي فيه من الرحمة والانسانية فعندما لجأت اليه والدته في احدي مرات شدتها طالبة عونه ومساعدته جرحها برده القاسي عليها وبكت امه ألما وحسرة علي ما ربت وسهرت وتفضيلها له علي بقية اخوته، رد عليها قائلا أتريدن أن أعيش معكم واكل التراب أنا وأبنائي.
ألا تعلم يا أخي أنه كما تدين تدان وان العقوبة الوحيدة التي يعجلها الله لعباده في الدنيا عقوق الوالدين، وأعرف اخر عندما ألح ابيه في طلبه لقال لابن شقيقته ماذا يريد مني أيريد أن يميتني، وهذا الذي مزق جسد أبيه وأمه بالسكين جهارا نهارا ليس لذنب اقترفاه سوي أنهم انكرا ذاتهما في إكرامه وتزويجه وتدليله لدرجة أن الاب كان يبوس قدمي ابنه زيادة في تدليله، فكان جزاؤهما الطعنات تلو الطعنات وما يفعله أثرياء هذا اليوم مع والديهما أشد عليهما ألما فعندما يبكي الاب والام وتنساب دموعهما علي وجنتيهما ألا يعد هذا أقسي وأفظع من طعنات الخنجر والسكين؟
أروي قصة اخري ليتم الابوين هذه الايام ما فعلته هذه السيدة العظيمة بعد موت زوجها بالسهر علي أولادها حتي صار ابنها طبيبا يعمل في أمريكا وبناتها في أرقي المناصب بالقاهرة وردا جميل أمهما بالتنكر لها حية وميتة ، ودفنها الجيران صدقة ولم يمشي في جنازتها سوي الغرباء بعد رفض غلاظ القلوب ممن ربتهم وأكرمتهم السير وراءها لمثواها الاخير.
قصص كثيرة وغريبة وعجيبة نشاهدها ونقرأ عنها ونطالعها في حياتنا وبين أهلنا وجيراننا قصص تدمع لها العين وينفطر لها القلب وتهتز من هولها المشاعر، هذا الذي يترك والده يتسول من يذهب به الي الطبيب مرة كل شهر ويتركه لابنته التي لاتملك حيلة ولا شفاعة سوي ان تكرم أباها بعد أن تنكر له ابنيه اللذين يهنئان برغد العيش لكن لاعجب فكلاهما اثر مرضاة ورضا زوجته وأهلها غيرعابئين بما أورده رب العزة في كتابه وما سطرته سنة نبيه الكريم.
الغريب ان الدين والتدين والعبادة اصبح مجرد موضة هذه الايام يتم تداولها عبر وسائل الهدم الاجتماعي التي مزقت الروابط بين البشر، والكل يتباري في الكتابة عبرها واعظا منصبا من نفسه شعراوي هذا الزمان، أنصحكم ونفسي بالعودة الي حسن معاملة الوالدين والركوع علي أقدامهما طمعا في رضائهما، حتي لاتصيبنا دعوة جبريل عليه السلام وتأمين سيد المرسلين عليه عنما ذكر مطرود من رحمة ربه من أدرك أحد والديه أو كليهما ولم يغفر له، اللهم بلغت اللهم فاشهد.