عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. وباء النيل.. يشاركنا فى المياه
بينما دخلنا عصر العطش المائي.. وبينما تتخبط مفاوضات سد النهضة.. واثيوبيا تصر علي تعطيش شعب مصر.. لا نتحرك كما يجب لكي نوقف عمليات إهدار ما تحت أيدينا من مياه.. نتساءل: كيف نسمح أن يشاركنا نبات ورد النيل في شرب ما يشاء من مياه هذا النهر العظيم.. وأنا هنا أطلق عليه نبات «وباء النيل».
ذلك أن هذا المسمي «وباء النيل» يشاركنا فيما يصل الينا من مياه. بعد أن انتشر وتواجد ـ تحت عيوننا ـ ليشرب معنا ما يشاء من هذه المياه.. إذ انتشر في كل الترع ـ بل والمصارف وفي مجري النهر ذاته وكذلك رياحات مصر الكبري وهي الترع الكبيرة في الدلتا.. فضلاً عن ترع في الصعيد.
<< وأعرف مقدماً أن وزارة الموارد المائية والري تبذل جهوداً كبيرة للحد من أي عملية اهدار للمياه.. وأعرف أنها تحاول بين فترة وأخري علي تطهير مجري النهر والترع من هذا الوباء، ولكن ليس بما يكفي لنحافظ علي هذه المياه.
وأسأل هنا: هل نعرف ـ علمياً وعملياً ـ كم تشرب هذه النباتات من مياه.. أقول ذلك وأنا أعرف أنه أكثر النباتات شرباً للمياه. بل أكاد أجزم أن كل خمسة من هذه النباتات تشرب أكثر مما يشرب الانسان المصري.. فما بالنا وقد انتشرت في كل مجاري النهر وترعه.. بعشرات الملايين؟!
<< وقد تقول الوزارة إنها تقوم بحملات لتطهير هذه المجاري وانتشال نباتات «وباء النيل» وتسحبها الي البر حول المناطق التي تقوم بتطهيرها.. ولكن شر البلية ما يضحك.
ذلك أنها تترك هذه النباتات علي حواف الترع.. وأيضاً مجري النهر حتي تجف.. وهنا تكتمل الجريمة.. إذ تتطاير البذور من هذه النباتات ثم تسقط في النهر أو الترعة أو المصرف لتتكاثر وتتحول إلي نباتات جديدة... تشرب المياه.. كما كانت؟ أليست تلك جريمة متكاملة؟.
ولماذا نتركها حول المجاري المائية حتي تجف وتتطاير بذورها؟.. لماذا لا يتم سحبها إلي أماكن بعيدة عن المجاري المائية؟ أو لماذا لا تتم عمليات إحراقها.. بل لماذا لم تفكر في الاستفادة منها بتحويلها الي علف للحيوانات؟، ونحن نعلم تماماً أزمتنا مع هذه الأعلاف.. الطازجة والجافة خصوصاً وقد زاد اعتمادنا علي الأعلاف كغذاء للحيوانات وللأسماك أيضاً.
<< بل إن وباء النيل هذا وصل الي بحيرات شمال الدلتا واحتل مساحات هائلة منها.. وهو هنا مثلاً يقتل الأسماك والأحياء المائية، لأنه يسحب الأكسجين من المياه.. كما يعوق تحركها نقول ذلك، وما أكثر الدراسات التي أجرتها مراكز البحوث عندنا لتحويلها إلي سماد.. بل وإلي نوع من الخشب المضغوط.
هل نطلب حملة قومية للقضاء علي ورد النيل المسمي الآن «وباء النيل».. ألا تستحق هذه العملية حملة قومية لنوقف مشاركة هذا الوباء للبشر، فيما يشرب.. ويشربون؟!